للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يُبْطِلهَا) أَيْ الصَّلَاةُ (عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ وَجَهْلُهُ) لِقَطْعِهِ الْمُوَالَاةَ بَيْنَ الْأَرْكَانِ (إنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةً) كَخَوْفٍ وَهَرَبٍ مِنْ عَدْوٍ أَوْ سَيْلٍ وَنَحْوِهِ، فَلَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ لِأَنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ (وَتَقَدَّمَ) فِي الْبَابِ قَبْلَهُ.

(وَلَا يُبْطِلُ) الصَّلَاةَ عَمَلٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَاةِ (يَسِيرٌ) عَادَةً لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ فَتْحِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَابَ لِعَائِشَةَ وَحَمْلِهِ أُمَامَةَ وَوَضْعِهَا، وَكَذَا لَوْ كَثُرَ الْعَمَلُ وَتَفَرَّقَ (وَلَا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودٌ) وَلَوْ فَعَلَهُ سَهْوًا، لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ السُّجُودَ لَهُ وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى مَا وَرَدَ السُّجُودُ لَهُ، لِمُفَارَقَتِهِ إيَّاهُ (وَلَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ بِالْعَمَلِ الْيَسِيرِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا (لِحَاجَةٍ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(وَيُكْرَهُ) الْعَمَلُ الْيَسِيرُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا (لِغَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ لِأَنَّهُ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ.

(وَإِنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ) فِي صَلَاةٍ (عَمْدًا فَإِنْ كَانَ) ذَلِكَ (فِي فَرْضٍ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (قَلَّ) الْأَكْلُ أَوْ الشُّرْبُ (أَوْ كَثُرَ) لِأَنَّهُ يُنَافِي الصَّلَاةَ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَهُوَ إجْمَاعُ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ فِي الْفَرْضِ، إلَّا مَا حَكَاهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا: أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِيَسِيرِ شُرْبٍ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ.

(وَ) إنْ كَانَ مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ (فِي) صَلَاةِ (نَفْلٍ) فَإِنَّهُ (يُبْطِلُ كَثِيرُهُ عُرْفًا) لِقَطْعِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَ الْأَرْكَانِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْيَسِيرِ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَلَا يُبْطِلُ النَّفَلُ كَغَيْرِهِمَا.

وَهَذِهِ رِوَايَةٌ وَعَنْهُ أَنَّ النَّفَلَ كَالْفَرْضِ قَدَّمَهُ جَمَاعَةٌ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُهُمْ لِأَنَّ مَا أَبْطَلَ الْفَرْضَ أَبْطَلَ النَّفَلَ، كَسَائِرِ الْمُبْطِلَاتِ وَعَنْهُ لَا يَبْطُلُ بِيَسِيرِ الشُّرْبِ فَقَطْ.

وَهِيَ مَفْهُومُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى وَالْمُصَنِّفُ فِي مُخْتَصَرِ الْمُقْنِعِ وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ إنَّهُ الْمَشْهُورُ عَنْهُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَشْهَرُ عَنْهُ بِالْأَكْلِ اهـ أَيْ يَبْطُلُ النَّفَلُ بِيَسِيرِ الْأَكْلِ عَمْدًا، فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ النَّفَلُ بِيَسِيرِ الشُّرْبِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ شَرِبَا فِي التَّطَوُّعِ، قَالَ الْخَلَّالُ سَهَّلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ.

وَفِي الْمُبْدِعِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَذَلِكَ لِأَنَّ كَثْرَةَ النَّفْلِ وَإِطَالَتَهُ مُسْتَحَبَّةٌ مَطْلُوبَةٌ فَتَحْتَاجُ مَعَهُ كَثِيرًا إلَى أَخْذِ جَرْعَةِ مَاءٍ لِدَفْعِ الْعَطَشِ، كَمَا سُومِحَ بِهِ جَالِسًا وَعَلَى الرَّاحِلَةِ (وَإِنْ كَانَ) الْأَكْلُ أَوْ الشُّرْبُ (سَهْوًا أَوْ جَهْلًا) وَلَمْ يُذَكِّرْهُ جَمَاعَةٌ (لَمْ يُبْطِلْ يَسِيرُهُ فَرْضًا كَانَ) مَا حَصَلَ ذَلِكَ فِيهِ (أَوْ نَفْلًا) لِأَنَّ تَرْكَهُمَا عِمَادُ الصَّوْمِ وَرُكْنُهُ الْأَصْلِيُّ فَإِذَا لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ حَالَةَ السَّهْوِ فَالصَّلَاةُ أَوْلَى وَكَالسَّلَامِ وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ» قَالَ فِي الْكَافِي: فَعَلَى هَذَا يَسْجُدُ لِأَنَّهُ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ تَعَمُّدُهُ وَعُفِيَ عَنْ سَهْوِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ، كَجِنْسِ الصَّلَاةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُبْدِعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>