ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ لِلْوُجُوبِ، وَدَخَلَ فِيمَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ: الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ وَالشَّكُّ فِي صُوَرِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ (سِوَى نَفْسِ سُجُودِ سَهْوٍ) مَحَلُّهُ (قَبْلَ السَّلَامِ، فَإِنَّهَا) أَيْ الصَّلَاةَ (تَصِحُّ مَعَ سَهْوِهِ) أَيْ مَعَ تَرْكِهِ سَهْوًا كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ.
(وَلَا يَجِبُ السُّجُودُ لَهُ) أَيْ لَا يَجِبُ السُّجُودُ لِتَرْكِهِ سَهْوًا، بَلْ إنْ ذَكَرَهُ قَرِيبًا أَتَى بِهِ بِشَرْطِهِ الْآتِي، وَإِلَّا سَقَطَ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ.
(وَسِوَى مَا إذَا لَحَنَ لَحْنًا يُحِيلُ الْمَعْنَى سَهْوًا أَوْ جَهْلًا) فَإِنَّ عَمْدَهُ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَا يَجِبُ السُّجُودُ لِسَهْوِهِ أَوْ فِعْلِهِ جَهْلًا.
(قَالَهُ الْمَجْدُ) عَبْدُ السَّلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ (فِي شَرْحِهِ) عَلَى الْهِدَايَةِ (وَالْمَذْهَبُ: وُجُوبُ السُّجُودِ) لِلَّحْنِ الْمُحِيلِ لِلْمَعْنَى سَهْوًا أَوْ جَهْلًا كَسَائِرِ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ (وَمَحَلُّهُ) أَيْ سُجُودِ السَّهْوِ (نَدْبًا) قَالَ الْقَاضِي لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْأَمْرَيْنِ، أَيْ السُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ وَبَعْدَهُ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلُ فَلَا مَعْنَى لِادِّعَاءِ النَّسْخِ (قَبْلَ السَّلَامِ) ؛ لِأَنَّهُ إتْمَامٌ لِلصَّلَاةِ، فَكَانَ فِيهَا كَسُجُودِ صُلْبِهَا (إلَّا فِي السَّلَامِ قَبْلَ إتْمَامِ صَلَاتِهِ إذَا سَلَّمَ عَنْ نَقْصِ رَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ) لِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَذِي الْيَدَيْنِ، وَلِأَنَّهُ مِنْ إتْمَامِ الصَّلَاةِ فَكَانَ قَبْلَ السَّلَامِ كَسُجُودِ صُلْبِهَا وَقَوْلُهُ: عَنْ نَقْصِ رَكْعَةٍ فَأَكْثَر: تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ الْخِلَافِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا حَيْثُ قَالُوا: عَنْ نَقْصِ رَكْعَةٍ وَإِلَّا قَبْلَهُ نَصَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: فَظَاهِرُهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ عَنْ نَقْصِ رَكْعَةٍ أَوْ أَقَلَّ ثُمَّ حَكَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْخِلَافِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وَإِلَّا.
(فِيمَا إذَا بَنَى الْإِمَامُ عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ إنْ قُلْنَا بِهِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ (فَ) إنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ السَّلَامِ (نَدْبًا نَصًّا) لِحَدِيثِ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» مُتَّفَق عَلَيْهِ وَفِي الْبُخَارِيّ بَعْدَ التَّسْلِيمِ.
(وَإِنْ نَسِيَهُ) أَيْ سُجُودَ السَّهْوِ (قَبْلَ السَّلَامِ) أَتَى بِهِ بَعْدَهُ، مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(أَوْ) نَسِيَهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ السَّلَامِ أَيْ عَقِبَهُ (أَتَى بِهِ مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ عُرْفًا وَلَوْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ أَوْ تَكَلَّمَ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(فَلَوْ) نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ (حَتَّى شَرَعَ فِي صَلَاةٍ) ثُمَّ ذَكَرَهُ (قَضَاهُ إذَا سَلَّمَ) إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ (وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ) لَمْ يَسْجُدْ؛ لِأَنَّهُ لِتَكْمِيلِ الصَّلَاةِ فَلَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ كَرُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهَا (أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ) لَمْ يَسْجُدْ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَحَلُّ الصَّلَاةِ فَاعْتُبِرَتْ فِيهِ الْمُدَّةُ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ (أَوْ أَحْدَث لَمْ يَسْجُدْ) لِلسَّهْوِ، لِفَوَاتِ شَرْطِ الصَّلَاةِ (وَصَحَّتْ) صَلَاته؛ لِأَنَّهُ جَابِرٌ لِلْعِبَادَةِ، كَجُبْرَانَاتِ الْحَجِّ فَلَمْ تَبْطُلْ بِفَوَاتِهِ.
(وَيَكْفِيه لِجَمِيعِ السَّهْوِ: سَجْدَتَانِ وَلَوْ اخْتَلَفَ مَحَلُّهُمَا) أَيْ مَحَلُّ السَّهْوَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute