للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّحَابَةِ قَالَ الْخَطِيبُ: الْأَحَادِيثُ الَّتِي جَاءَ فِيهَا قَبْلَ الرُّكُوعِ كُلُّهَا مَعْلُولَةٌ (فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَى صَدْرِهِ وَيَبْسُطُهُمَا وَبُطُونَهُمَا نَحْوَ السَّمَاءِ) نَصَّ عَلَى ذَلِكَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا دَعَوْت اللَّهَ فَادْعُ بِبُطُونِ كَفَّيْك، وَلَا تَدْعُ بِظُهُورِهِمَا فَإِذَا فَرَغْت فَامْسَحْ بِهِمَا وَجْهَك» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.

(وَمَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الثَّلَاثِ رَكَعَاتٍ (رَكْعَةً فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ أَجْزَأَهُ) مَا أَدْرَكَهُ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْوِتْرِ رَكْعَةٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ (قَضَى، كَصَلَاةِ الْإِمَامِ) لِحَدِيثِ «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ (وَيَقُولُ فِي قُنُوتِهِ جَهْرًا إنْ كَانَ إمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا نَصًّا وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ يُخَيَّرُ الْمُنْفَرِدُ فِي الْجَهْرِ) بِالْقُنُوتِ (وَعَدَمِهِ كَالْقِرَاءَةِ) وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَنَّ الْجَهْرَ يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ فَقَطْ قَالَ فِي الْخِلَافِ: وَهُوَ أَظْهَرُ (اللَّهُمَّ) أَصْلُهُ يَا اللَّهُ كَمَا تَقَدَّمَ حُذِفَتْ " يَا " مِنْ أَوَّلِهِ وَعُوِّضَ عَنْهَا الْمِيمُ فِي آخِرِهِ وَلِذَلِكَ لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا إلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ.

وَلَحَظُوا فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الِابْتِدَاءُ بِلَفْظِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، تَبَرُّكًا وَتَعْظِيمًا أَوْ طَلَبًا لِلتَّخْفِيفِ بِتَصْيِيرِ اللَّفْظَيْنِ لَفْظًا وَاحِدًا (إنَّا نَسْتَعِينُك وَنَسْتَهْدِيك وَنَسْتَغْفِرُك) أَيْ نَطْلُبُ مِنْك الْمَعُونَةَ وَالْهِدَايَةَ وَالْمَغْفِرَةَ (وَنَتُوبُ إلَيْك) التَّوْبَةُ: الرُّجُوعُ عَنْ الذَّنْبِ، وَشَرْعًا: النَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ الذَّنْبِ وَالْإِقْلَاعُ فِي الْحَالِ وَالْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْعَوْدِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، تَعْظِيمًا لِلَّهِ فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ لِآدَمِيٍّ فَلَا بُدَّ أَنْ يُحَلِّلَهُ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ (وَنُؤْمِنُ بِك) أَيْ نُصَدِّقُ بِوَحْدَانِيِّتِك (وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: التَّوَكُّلُ إظْهَارُ الْعَجْزِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الْغَيْرِ وَالِاسْمُ التُّكْلَانُ وَقَالَ ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ: هُوَ تَرْكُ تَدْبِيرِ النَّفْسِ وَالِانْخِلَاعُ مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ وَقَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الِاسْتِرْسَالُ مَعَ اللَّهِ عَلَى مَا يُرِيدُ (وَنُثْنِي عَلَيْك الْخَيْرَ كُلَّهُ) أَيْ نَمْدَحُك وَنَصِفُك بِالْخَيْرِ.

وَالثَّنَاءُ فِي الْخَيْرِ خَاصَّةً وَالثَّنَاءُ بِتَقْدِيمِ النُّونِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ (وَنَشْكُرُك وَلَا نَكْفُرُك) أَصْلُ الْكُفْرِ الْجُحُودُ وَالسَّتْرُ قَالَ فِي الْمَطَالِعِ: وَالْمُرَادُ هُنَا كُفْرُ النِّعْمَةِ، لِاقْتِرَانِهِ بِالشُّكْرِ (اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَعْنَى الْعِبَادَةِ: الطَّاعَةُ وَالْخُضُوعُ وَالتَّذَلُّلُ وَلَا يَسْتَحِقُّهُ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الْفَخْرُ إسْمَاعِيلُ وَأَبُو الْبَقَاءِ: الْعِبَادَةُ مَا أُمِرَ بِهِ شَرْعًا مِنْ غَيْرِ اطِّرَادٍ عُرْفِيٍّ وَلَا اقْتِضَاءٍ عَقْلِيٍّ وَسُمِّيَ الْعَبْدُ عَبْدًا لِذُلِّهِ وَانْقِيَادِهِ لِمَوْلَاةِ (وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ) لَا لِغَيْرِك (وَإِلَيْك نَسْعَى) يُقَالُ: سَعَى يَسْعَى سَعْيًا إذَا عَدَا.

وَقِيلَ: إذَا كَانَ بِمَعْنَى الْجَرْيِ عُدِّيَ بِإِلَى، وَإِذَا كَانَ بِمَعْنَى الْعَمَلِ فَبِاللَّامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>