الْوِتْرِ (سُنَّ قَوْلُهُ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ ثَلَاثًا يَرْفَعُ صَوْتَهُ فِي الثَّالِثَةِ) لِلْخَبَرِ رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى.
(تَتِمَّةٌ) قِيلَ لِأَحْمَدَ رَجُلٌ قَامَ يَتَطَوَّعُ، ثُمَّ بَدَا لَهُ، فَجَعَلَ تِلْكَ الرَّكْعَةَ وِتْرًا قَالَ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا؟ قَدْ قَلَبَ نِيَّتَهُ قِيلَ لَهُ: أَيَبْتَدِئُ الْوِتْرَ؟ قَالَ نَعَمْ.
(وَيُكْرَهُ قُنُوتُهُ فِي غَيْرِ الْوِتْرِ) رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ ثُمَّ تَرَكَهُ» .
وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ مَسْعُودٍ نَحْوَهُ مَرْفُوعًا وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ قُلْتِ لِأَبِي إنَّك قَدْ صَلَّيْت خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَخَلْفَ عَلِيٍّ هُنَا بِالْكُوفَةِ نَحْوَ خَمْسِ سِنِينَ أَكَانُوا يَقْنُتُونَ فِي الْفَجْرِ؟ قَالَ أَيْ بُنَيَّ مُحْدَثٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَيْسَ فِيهِ فِي الْفَجْرِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ «مَا زَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ طُولَ الْقِيَامِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى قُنُوتًا أَوْ أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ إذَا دَعَا لِقَوْمٍ، أَوْ دَعَا عَلَيْهِمْ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا.
يُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ إلَّا إذَا دَعَا لِقَوْمٍ أَوْ دَعَا عَلَيْهِمْ» وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي أَوْقَاتِ النَّوَازِلِ.
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ الْقُنُوتُ فِي الْفَجْرِ بِدْعَةٌ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ مَفْرُوضَةٌ فَلَمْ يُسَنَّ فِيهَا كَبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ (فَإِنْ ائْتَمَّ بِمَنْ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ أَوْ فِي النَّازِلَةِ تَابَعَهُ) لِحَدِيثِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» (وَأَمَّنَ) الْمَأْمُومُ (إنْ كَانَ يَسْمَعُ) الْقُنُوتَ (وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْقُنُوتَ دَعَا) قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَإِذَا فَعَلَ الْإِمَامُ مَا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ تَبِعَهُ الْمَأْمُومُ فِيهِ.
وَإِنْ كَانَ هُوَ لَا يَرَاهُ، مِثْلُ الْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ، وَوَصْلِ الْوِتْرِ (فَإِنْ نَزَلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ) هِيَ الشَّدِيدَةُ مِنْ شَدَائِدِ الدَّهْرِ (غَيْرَ الطَّاعُونِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الْقُنُوتُ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ وَلَا فِي غَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ شَهَادَةٌ لِلْأَخْيَارِ فَلَا يُسْأَلُ رَفْعُهُ (سُنَّ لِإِمَامِ الْوَقْتِ خَاصَّةً) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الَّذِي قَنَتَ فَيَتَعَدَّى الْحُكْمُ إلَى مَنْ يَقُومُ مُقَامَهُ (وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ وَنَائِبَهُ) لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ (الْقُنُوتَ بِمَا يُنَاسِبُ تِلْكَ النَّازِلَةِ فِي كُلِّ مَكْتُوبَةٍ) لِفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد (إلَّا الْجُمُعَةَ) لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالدُّعَاءِ فِي خُطْبَتِهَا (وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute