عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ (فَإِنْ كَانَ لَهُ تَهَجُّدٌ جَعَلَ الْوِتْرَ بَعْدَهُ) اسْتِحْبَابًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَهَجُّدٌ (صَلَّاهَا) أَيْ الْوِتْرَ مَعَ الْإِمَامِ، لِيَنَالَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ (فَإِنْ أَحَبَّ) مَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ (مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ) فِي وِتْرِهِ (قَامَ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامَ فَشَفَعَهَا) أَيْ رَكْعَةَ الْوِتْرِ (بِأُخْرَى) ثُمَّ إذَا تَهَجَّدَ أَوْتَرَ فَيَنَالُ فَضِيلَةَ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، وَفَضِيلَةَ جَعْلِ وِتْرِهِ آخِرَ صَلَاتِهِ (وَمَنْ أَوْتَرَ) فِي جَمَاعَةٍ أَوْ مُنْفَرِدًا (ثُمَّ أَرَادَ الصَّلَاةَ) تَطَوُّعًا (بِيَدِهِ) أَيْ الْوِتْرِ (لَمْ يَنْقُضْ وِتْرَهُ) أَيْ لَمْ يَشْفَعْهُ (بِرَكْعَةٍ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ وَقَدْ سُئِلَتْ عَنْ الَّذِي يَنْقُضُ وِتْرَهُ - ذَاكَ الَّذِي يَلْعَبُ بِوِتْرِهِ رَوَاهُ سَعِيدٌ وَغَيْرُهُ (وَصَلَّى شَفْعًا مَا شَاءَ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْوِتْرِ رَكْعَتَيْنِ» (وَلَمْ يُوتِرْ) اكْتِفَاءً بِالْوَتْرِ الَّذِي قَبْلَ تَهَجُّدِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَيْسٌ فِيهِ لِينٌ.
(وَيُكْرَهُ التَّطَوُّعُ بَيْنَ التَّرَاوِيحِ) نَصَّ عَلَيْهِ وَقَالَ فِيهِ: عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُبَادَةَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَذُكِرَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رُخْصَةٌ فِيهِ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ فَقَالَ: هَذَا بَاطِلٌ.
وَرَوَى الْأَثْرَمُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ أَبْصَرَ قَوْمًا يُصَلُّونَ بَيْنَ التَّرَاوِيحِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ التَّرَاوِيحُ، أَتُصَلِّي وَإِمَامُك بَيْنَ يَدَيْك؟ لَيْسَ مِنَّا مَنْ رَغِبَ عَنَّا وَ (لَا) يُكْرَهُ (طَوَافٌ بَيْنَهَا) أَيْ التَّرَاوِيحِ (وَلَا) طَوَافَ (بَعْدَهَا) وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ أُسْبُوعًا، وَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ (وَلَا) يُكْرَهُ (تَعْقِيبٌ وَهُوَ التَّطَوُّعُ بَعْدَ التَّرَاوِيحِ وَ) بَعْدَ (الْوِتْرِ فِي جَمَاعَةٍ سَوَاءٌ طَالَ الْفَصْلُ أَوْ قَصُرَ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ رَجَعُوا إلَى ذَلِكَ قَبْلَ النَّوْمِ أَوْ لَمْ يُؤَخِّرُوهُ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ لِقَوْلِ أَنَسٍ لَا تَرْجِعُونَ إلَّا لِخَيْرٍ تَرْجُونَهُ وَكَانَ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا وَلِأَنَّهُ خَيْرٌ وَطَاعَةٌ، فَلَمْ يُكْرَهْ كَمَا لَوْ أَخَّرُوهُ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُنْقِصَ عَنْ خَتْمَةٍ فِي التَّرَاوِيحِ) لِيُسْمِعَ النَّاسَ جَمِيعَ الْقُرْآنِ (وَلَا) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَزِيدَ) الْإِمَامُ عَلَى خَتْمَةٍ كَرَاهِيَةَ الْمَشَقَّةِ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ، نَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ عَنْ الْقَاضِي وَقَالَ قَالَ أَحْمَدُ يَقْرَأُ بِالْقَوْمِ فِي شَهْرٍ مَا يَخِفُّ عَلَيْهِمْ وَلَا يَشُقُّ، سِيَّمَا فِي اللَّيَالِي الْقِصَارِ انْتَهَى (إلَّا أَنْ يُوتِرُوا) زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ (يَبْتَدِئَهَا) أَيْ التَّرَاوِيحَ فِي (أَوَّلِ لَيْلَةٍ بِسُورَةِ الْقَلَمِ) يَعْنِي {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: ١] (بَعْدَ الْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّهَا) أَيْ أَوَّلَهَا (أَوَّلُ مَا نَزَلَ) مِنْ الْقُرْآنِ (فَإِذَا سَجَدَ) لِلتِّلَاوَةِ (قَامَ فَقَرَأَ مِنْ الْبَقَرَةِ) نَصَّ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَهُ فِي ذَلِكَ أَثَرٌ.
(وَعَنْهُ أَنَّهُ يَقْرَأُ بِهَا) أَيْ بِسُورَةِ الْقَلَمِ (فِي عِشَاءِ الْآخِرَةِ) أَيْ مِنْ اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute