للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ مُقَدَّرٌ بِالنَّشَاطِ وَعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فَمَنْ وَجَدَ نَشَاطًا فِي خَتْمِهِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ لَمْ يُكْرَهْ وَإِلَّا كُرِهَ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يَخْتِمُهُ فِي لَيْلَةٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمْعٍ مِنْ السَّلَفِ.

(وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُ الْخَتْمِ فَوْقَ أَرْبَعِينَ بِلَا عُذْرٍ) قَالَ أَحْمَدُ أَكْثَرُ مَا سَمِعْت أَنْ يُخْتَمَ الْقُرْآنُ فِي أَرْبَعِينَ، وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى نِسْيَانِهِ وَالتَّهَاوُنِ بِهِ (وَيَحْرُمُ) تَأْخِيرُ الْخَتْمِ فَوْقَ أَرْبَعِينَ (إنْ خَافَ نِسْيَانَهُ قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ مَا أَشَدُّ مَا جَاءَ فِيمَنْ حَفِظَهُ ثُمَّ نَسِيَهُ) .

(وَيُسْتَحَبُّ السِّوَاكُ) قَبْلَ الْقِرَاءَةِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ (وَ) يُسْتَحَبُّ (التَّعَوُّذُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨] (وَ) يُسْتَحَبُّ (حَمْدُ اللَّهِ) تَعَالَى (عِنْدَ قَطْعِهَا) أَيْ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِرَاءَةِ (عَلَى تَوْفِيقِهِ وَنِعْمَتِهِ) عَلَيْهِ بِجَعْلِهِ مِنْ آلِ الْقُرْآنِ (وَ) يُسْتَحَبُّ (سُؤَالُ الثَّبَاتِ) عَلَيْهَا (وَ) يَقْصِدُ (الْإِخْلَاصَ) فِي الْقِرَاءَةِ، لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» بِأَنْ يَنْوِيَ بِهِ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ (فَإِنْ قَطَعَهَا) أَيْ الْقِرَاءَةَ (قَطْعَ تَرْكٍ وَإِهْمَالٍ أَعَادَ التَّعَوُّذَ إذَا رَجَعَ إلَيْهَا) أَيْ أَرَادَ الْعَوْدَ إلَى الْقِرَاءَةِ (وَإِنْ قَطَعَهَا لِعُذْرٍ عَازِمًا عَلَى إتْمَامِهَا إذَا زَالَ) الْعُذْرُ (كَتَنَاوُلِ شَيْءٍ أَوْ إعْطَائِهِ أَوْ أَجَابَ سَائِلًا) أَوْ عَطَسَ وَنَحْوِهِ (كَفَاهُ التَّعَوُّذُ الْأَوَّلُ) ؛ لِأَنَّهَا قِرَاءَةٌ وَاحِدَةٌ.

وَإِنْ تَرَكَ الِاسْتِعَاذَةَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، قَالَ فِي الْآدَابِ: فَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا ثُمَّ يَقْرَأُ؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ لِلِاسْتِحْبَابِ، فَلَا تَسْقُطُ بِتَرْكِهَا إذَنْ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَقْتَضِي ذَلِكَ أَمَّا لَوْ تَرَكَهَا حَتَّى فَرَغَ سَقَطَتْ (وَيَخْتِمُ فِي الشِّتَاءِ أَوَّلَ اللَّيْلِ) لِطُولِهِ.

(وَفِي الصَّيْفِ أَوَّلَ النَّهَارِ) لِطُولِهِ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَكَانَ يُعْجِبُ أَحْمَدَ لِمَا رَوَى طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ قَالَ أَدْرَكْت أَهْلَ الْخَيْرِ مِنْ صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَسْتَحِبُّونَ الْخَتْمَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَأَوَّلَ النَّهَارِ، يَقُولُونَ إذَا خَتَمَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ: صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى يُمْسِيَ وَإِذَا خَتَمَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ: صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى يُصْبِحَ رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (وَيَجْمَعُ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ عِنْدَ خَتْمِهِ) رَجَاءَ عَوْدِ نَفْعِ ذَلِكَ وَثَوَابِهِ إلَيْهِمْ.

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَجْعَلُ رَجُلًا يُرَاقِبُ رَجُلًا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْتِمَ أَعْلَمَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَيَشْهَدُ ذَلِكَ.

وَرَوَى ابْنُ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ كَانَ أَنَسٌ إذَا خَتَمَ الْقُرْآنَ جَمَعَ أَهْلَهُ وَدَعَا وَيُسْتَحَبُّ إذَا فَرَغَ مِنْ الْخَتْمَةِ أَنْ يَشْرَعَ فِي أُخْرَى لِحَدِيثِ أَنَسٍ «خَيْرُ الْأَعْمَالِ الْحِلُّ وَالرِّحْلَةُ» قِيلَ وَمَا هُمَا؟ قَالَ افْتِتَاحُ الْقُرْآنِ وَخَتْمُهُ (وَيَدْعُو)

<<  <  ج: ص:  >  >>