وَقَوْلُهُ {وَأَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [التوبة: ٩٧] الْمُرَادُ الْأَحْكَامُ وَ (لَا) يَجُوزُ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ (بِالرَّأْيِ مِنْ غَيْرِ لُغَةٍ وَلَا نَقْلٍ فَمَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ) أَيْ فَسَّرَهُ (بِرَأْيِهِ أَوْ بِمَا لَا يَعْلَمُ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ) أَيْ لِيَنْزِلَ مَنْزِلَهُ (مِنْ النَّارِ وَأَخْطَأَ، وَلَوْ أَصَابَ) لِمَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ أَوْ بِمَا لَا يَعْلَمُ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
وَعَنْ سُهَيْلِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ جُنْدُبٍ مَرْفُوعًا «مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَأَصَابَ فَقَدْ أَخْطَأَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ وَسُهَيْلٌ ضَعَّفَهُ الْأَئِمَّةُ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.
(وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ الْقُرْآنُ بَدَلًا مِنْ الْكَلَامِ، مِثْلُ أَنْ يَرَى رَجُلًا جَاءَ فِي وَقْتِهِ، فَيَقُولُ: {ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى} [طه: ٤٠] .
وَإِذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ مَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ فَهُوَ تَوْقِيفٌ (وَيَلْزَمُ الرُّجُوعُ إلَى تَفْسِيرِ الصَّحَابِيِّ) ؛ لِأَنَّهُمْ شَاهَدُوا التَّنْزِيلَ، وَحَضَرُوا التَّأْوِيلَ فَهُوَ أَمَارَة ظَاهِرَةٌ وَ (لَا) يَلْزَمُ الرُّجُوعُ إلَى تَفْسِيرِ (التَّابِعِيِّ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُنْقَلَ ذَلِكَ عَنْ الْعَرَبِ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا نَقَلَهُ الْمَرْوَزِيُّ: نَنْظُرُ مَا كَانَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَنْ أَصْحَابِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمِنْ التَّابِعِينَ، لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى إجْمَاعِهِمْ، لَا عَلَى مَا انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُمْ قَالَهُ الْقَاضِي.
(وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ فِي كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ نَصًّا) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «غَضِبَ حِينَ رَأَى مَعَ عُمَرَ صَحِيفَةً مِنْ التَّوْرَاةِ، وَقَالَ أَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ» الْحَدِيثَ (وَلَا) النَّظَرُ فِي (كُتُبِ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَ) لَا النَّظَرُ فِي (الْكُتُبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَلَا رِوَايَتُهَا) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ ضَرَرِ إفْسَادِ الْعَقَائِدِ (وَتَقَدَّمَ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ جُمْلَةٌ مِنْ أَحْكَامِ الْمُصْحَفِ) فَيَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهَا.
وَيَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَكْرَمِ الْأَحْوَالِ وَأَكْرَمِ الشَّمَائِلِ قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ حَامِلُ الْقُرْآنِ حَامِلُ رَايَةِ الْإِسْلَامِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَلْهُوَ مَعَ مَنْ يَلْهُو، وَلَا يَسْهُو مَعَ مَنْ يَسْهُو، وَلَا يَلْغُو مَعَ مَنْ يَلْغُو تَعْظِيمًا لِحَقِّ الْقُرْآنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute