للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِحَدِيثِ «وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ ذَاتُ إحْرَامٍ فَوَجَبَ التَّسْلِيمُ فِيهَا كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَتُجْزِئُ وَاحِدَةٌ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا ثِنْتَانِ ذَكَرَهَا الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَعَنْهُ لَا سَلَامَ لَهُ،؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ (بِلَا تَشَهُّدٍ) ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ لَا رُكُوعَ فِيهَا، فَلَمْ يُشْرَعْ فِيهَا التَّشَهُّدُ، كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، بَلْ لَا يُسَنُّ نَصَّ عَلَيْهِ (وَيَكْفِيهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ نَصًّا) لِلْأَخْبَارِ (إلَّا إذَا سَمِعَ سَجْدَتَيْنِ مَعًا فَيَسْجُدُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ سَجْدَةً) إذَا قَصَدَ الِاسْتِمَاعَ.

وَكَذَا لَوْ قَرَأَ سَجْدَةً وَاسْتَمَعَ أُخْرَى لِتَعَدُّدِ السَّبَبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْبَزَّارِ فِي صُورَةِ الْمَتْنِ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ وَيَتَخَرَّج أَنَّهُ يَكْتَفِي بِوَاحِدَةٍ، قَالَهُ فِي الْمُنْتَهَى: وَيُكَرِّرُهُ بِتَكْرَارِهَا أَيْ يُكَرِّرُ السُّجُودَ بِحَسَبِ تَكْرَارِ التِّلَاوَةِ (وَسُجُودُهُ لَهَا) أَيْ لِلتِّلَاوَةِ (وَالتَّسْلِيمُ رُكْنَانِ) لِمَا تَقَدَّمَ.

وَفِي عَدِّ السُّجُودِ رُكْنًا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَكُونُ رُكْنًا لِنَفْسِهِ، إلَّا أَنْ يُرَادَ كَوْنُهُ عَلَى الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَكَذَا الرَّفْعُ مِنْ السُّجُودِ) رُكْنٌ وَعَلَى هَذَا: فَتَكْبِيرُ الِانْحِطَاطِ وَالرَّفْعُ وَالذِّكْرُ فِي السُّجُودِ وَاجِبٌ كَمَا فِي سُجُودِ صُلْبِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا الْجُلُوسُ لِلتَّسْلِيمِ فَقَدْ سَبَقَ مَا فِيهِ.

(وَيَقُولُ فِي سُجُودِهَا مَا يَقُولُ فِي سُجُودِ صُلْبِ الصَّلَاةِ) أَيْ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وُجُوبًا، قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (وَإِنْ زَادَ غَيْرَهُ مِمَّا وَرَدَ فَحَسَنٌ وَمِنْهُ) أَيْ مِمَّا وَرَدَ (اللَّهُمَّ اُكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَك أَجْرًا وَضَعْ) أَيْ اُمْحُ (عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَك ذُخْرًا وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتهَا مِنْ عَبْدِك دَاوُد) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ وَمِنْهُ أَيْضًا «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ» (وَالْأَفْضَلُ سُجُودُهُ عَنْ قِيَامٍ) لِمَا رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ فَإِذَا انْتَهَتْ إلَى السَّجْدَةِ قَامَتْ فَسَجَدَتْ وَتَشْبِيهًا لَهُ بِصَلَاةِ النَّفْلِ.

(وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ قِرَاءَةُ سَجْدَةٍ فِي صَلَاةِ سِرٍّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو حِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يَسْجُدَ لَهَا أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ لَهَا كَانَ تَارِكًا لِلسُّنَّةِ وَإِنْ سَجَدَ لَهَا أَوْجَبَ الْإِبْهَامَ وَالتَّخْلِيطَ عَلَى الْمَأْمُومِ فَكَانَ تَرْكُ السَّبَبِ الْمُفْضِي إلَى ذَلِكَ أَوْلَى.

(وَ) يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ (سُجُودُهُ لَهَا) أَيْ لِقِرَاءَةِ سَجْدَةٍ فِي صَلَاةِ سِرٍّ؛ لِأَنَّهُ يَخْلِطُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ فِي صَلَاةِ سِرٍّ (خُيِّرَ الْمَأْمُومُ بَيْنَ الْمُتَابَعَةِ وَتَرْكِهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَالٍ وَلَا مُسْتَمِعٍ (وَالْأَوْلَى السُّجُودُ) مُتَابَعَةً لِلْإِمَامِ.

(وَيُكْرَهُ اخْتِصَارُ آيَاتِ السُّجُودِ، وَهُوَ أَنْ يَجْمَعَهَا فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ) أَوْ وَقْتٍ وَاحِدٍ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ (يَسْجُدُ فِيهَا أَوْ أَنْ يُسْقِطَهَا مِنْ قِرَاءَتِهِ) لِئَلَّا يَسْجُدَ لَهَا قَالَ الْمُوَفَّقُ: كِلَاهُمَا مُحْدَثٌ وَفِيهِ إخْلَالُ التَّرْتِيبِ (وَلَا يَقْضِي هَذَا السُّجُودَ إذَا طَالَ الْفَصْلُ، كَمَا لَا تُقْضَى صَلَاةُ كُسُوفٍ وَ) صَلَاةُ (اسْتِسْقَاءٍ) وَتَحِيَّةُ مَسْجِدٍ وَعَقِبَ الْوُضُوءِ وَنَحْوُهَا، بِخِلَافِ الرَّوَاتِبِ، لِتَبَعِهَا لِلْفَرَائِضِ.

(وَتُسْتَحَبُّ سَجْدَةُ الشُّكْرِ عِنْدَ تَجَدُّدِ نِعْمَةٍ ظَاهِرَةٍ، أَوْ دَفْعِ نِقْمَةٍ ظَاهِرَةٍ عَامَّتَيْنِ) لَهُ وَلِلنَّاسِ (أَوْ فِي أَمْرٍ يَخُصُّهُ نَصًّا)

<<  <  ج: ص:  >  >>