الْمَسْجِدَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، كُرِهَ لِزَوْجٍ وَسَيِّدٍ مَنْعُهَا إذَا خَرَجَتْ تَفِلَةً، غَيْرَ مُزَيَّنَةٍ وَلَا مُطَيَّبَةٍ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ، وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد (إلَّا أَنْ يَخْشَى) زَوْجُهَا إلَى الْمَسْجِدَ (فِتْنَةً أَوْ ضَرَرًا) فَيَمْنَعُهَا عَنْهُ دَرْءًا لِلْمَفْسَدَةِ.
(وَكَذَا أَبٌ مَعَ ابْنَتِهِ) إذَا اسْتَأْذَنَتْهُ فِي الْخُرُوجِ لِلْمَسْجِدِ كُرِهَ لَهُ مَنْعُهَا إلَّا أَنْ يَخْشَى فِتْنَةً أَوْ ضَرَرًا (وَلَهُ) أَيْ الْأَبِ (مَنْعُهَا مِنْ الِانْفِرَادِ) عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ دُخُولٍ يُفْسِدُهَا وَيُلْحِقُ الْعَارَ بِهَا وَبِأَهْلِهَا.
قَالَ أَحْمَدُ وَالزَّوْجُ أَمْلَكُ مِنْ الْأَبِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ فَأَوْلِيَاؤُهَا الْمَحَارِمُ) لِقِيَامِهِمْ مَقَامَهُ اسْتِصْحَابًا لِلْحَضَانَةِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَعَلَى هَذَا فِي رِجَالِ ذَوِي الْأَرْحَامِ، كَالْخَالِ أَوْ الْحَاكِمِ: الْخِلَافُ فِي الْحَضَانَةِ وَيَتَوَجَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا مَانِعَ وَلَا ضَرَرَ حَرُمَ الْمَنْعُ عَلَى وَلِيٍّ أَوْ لِغَيْرِ أَبٍ (وَيَأْتِي فِي الْحَضَانَةِ) .
(وَتُنْهَى الْمَرْأَةُ عَنْ تَطَيُّبِهَا لِحُضُورِ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ» وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ (فَإِنْ فَعَلَتْ) أَيْ تَطَيَّبَتْ لِلْخُرُوجِ (كُرِهَ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ) .
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ تَطَيُّبُهَا لِحُضُورِ مَسْجِدٍ وَغَيْرِهِ وَتَحْرِيمُهُ أَظْهَرُ اهـ فَقَدْ جُمِعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ (وَلَا تُبْدِي زِينَتَهَا) أَيْ تُظْهِرُهَا (إلَّا لِمَنْ فِي الْآيَةِ) وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور: ٣١] الْآيَةَ.
(قَالَ) الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ (ظُفْرُهَا عَوْرَةٌ) كَسَائِرِ بَدَنِهَا (فَلَا تَخْرُجْ، فَإِذَا خَرَجَتْ فَلَا تُبَيِّنْ شَيْئًا وَلَا خُفَّهَا فَإِنَّهُ يَصِفُ الْقَدَمَ) أَيْ حَجْمَهُ.
(وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تَجْعَلَ لِكُمِّهَا زِرًّا عِنْدَ يَدِهَا) وَاخْتَارَ الْقَاضِي قَوْلَ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ بِمَا ظَهَرَ مِنْ الزِّينَةِ مِنْ الثِّيَابِ، لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ لَا قَوْلَ مَنْ فَسَّرَ بِبَعْضِ الْحُلِيِّ أَوْ بِبَعْضِهَا فَإِنَّهَا الْخَفِيَّةُ، وَنَصُّ أَحْمَدَ: الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ الثِّيَابُ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْهَا عَوْرَةٌ حَتَّى الظُّفْرُ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا: الْوَجْهُ وَبَاطِنُ الْكَفِّ» .
(وَصَلَاتُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ) لِلْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ وَظَاهِرُهُ: حَتَّى مِنْ مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا رَوَى أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ فِي الْفُرُوعِ عَنْ أُمِّ حُمَيْدٍ امْرَأَةُ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ «أَنَّهَا جَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَك قَالَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي، وَصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِي