فَيَفُوتُ الْمَأْمُومِينَ بَعْضُ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ (وَبَصِيرٌ) أَوْلَى مِنْ أَعْمَى؛ لِأَنَّهُ أَقْدَرُ عَلَى اجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِاجْتِهَادِهِ (وَحَضَرِيٌّ) وَهُوَ النَّاشِئُ فِي الْمُدُنِ وَالْقُرَى أَوْلَى مِنْ بَدْوِيٍّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ الْجَفَاءُ وَقِلَّةُ الْمَعْرِفَةِ بِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحْكَامِ الصَّلَاةِ، لِبُعْدِهِمْ عَمَّنْ يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ.
قَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ الْأَعْرَابِ {وَأَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [التوبة: ٩٧] (وَمُتَوَضِّئٌ) أَوْلَى مِنْ مُتَيَمِّمٍ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ رَافِعٌ لِلْحَدَثِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ فَإِنَّهُ مُبِيحٌ (وَمُعِيرٌ) فِي الْبَيْتِ الْمُعَارِ أَوْلَى مِنْ مُسْتَعِيرٍ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ، وَالْمُسْتَعِيرُ إنَّمَا يَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ (وَمُسْتَأْجِرٌ أَوْلَى مِنْ ضِدِّهِمْ) كَمَا تَقَدَّمَ، فَيَكُونُ أَوْلَى مِنْ الْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ وَقَادِرٌ عَلَى مَنْعِ الْمُؤَجِّرِ مِنْ دُخُولِهِ.
(فَإِنْ قَصَرَ إمَامٌ مُسَافِرٌ قَضَى) أَيْ أَتَمَّ (الْمُقِيمُ كَمَسْبُوقٍ) مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ (وَلَمْ تُكْرَهْ إمَامَتُهُ إذَنْ كَالْعَكْسِ) أَيْ كَإِمَامَةِ الْمُقِيمِ لِلْمُسَافِرِ.
(وَإِنْ أَتَمَّ) الْمُسَافِرُ (كُرِهَتْ) إمَامَتُهُ بِالْمُقِيمِ، خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهَا نَظَرًا إلَى أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ نَفْلٌ فَيَلْزَمُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَجَوَابُهُ: الْمَنْعُ، وَأَنَّ الْكُلَّ فَرْضٌ فَلِذَلِكَ قَالَ.
(وَإِنْ تَابَعَهُ) أَيْ الْإِمَامُ الْمُسَافِرُ (الْمُقِيمَ صَحَّتْ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا نَوَى الِائْتِمَامَ لَزِمَهُ، فَيَصِيرُ الْجَمِيعُ فَرْضًا.
(وَلَوْ كَانَ الْأَعْمَى أَصَمَّ صَحَّتْ إمَامَتُهُ) ؛ لِأَنَّ الْعَمَى وَالصَّمَمَ فَقْدُ حَاسَّتَيْنِ لَا يُخِلَّانِ بِشَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَلَا بِشُرُوطِهَا، فَصَحَّتْ مَعَ ذَلِكَ الْإِمَامَةِ كَمَا لَوْ كَانَ أَعْمَى فَاقِدَ الشَّمِّ (وَكُرِهَتْ) إمَامَتُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.
(وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ فَاسِقٍ بِفِعْلٍ) كَزَانٍ وَسَارِقٍ وَشَارِبِ خَمْرٍ وَنَمَّامٍ وَنَحْوِهِ (أَوْ اعْتِقَادٍ) كَخَارِجِيٍّ وَرَافِضِيٍّ (وَلَوْ كَانَ مَسْتُورًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} [السجدة: ١٨] وَلِمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا وَلَا أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرًا وَلَا فَاجِرٌ مُؤْمِنًا، إلَّا أَنْ يَقْهَرَهُ بِسُلْطَانٍ يَخَافُ سَوْطَهُ وَسَيْفَهُ» وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «اجْعَلُوا أَئِمَّتَكُمْ خِيَارَكُمْ فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ» لَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ هَذَا: إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَلِأَنَّ الْفَاسِقَ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ لِمَعْنًى فِي دِينِهِ فَأَشْبَهَ الْكَافِرَ وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَى شَرَائِطِ الصَّلَاةِ (وَلَوْ بِمِثْلِهِ) فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّ فَاسِقٌ فَاسِقًا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ رَفْعُ مَا عَلَيْهِ مِنْ النَّقْصِ بِالتَّوْبَةِ (عُلِمَ فِسْقُهُ ابْتِدَاءً أَوَّلًا، فَيُعِيدُ) الْمَأْمُومُ (إذَا عَلِمَ) فِسْقَ إمَامِهِ وَاخْتَارَ الشَّيْخَانِ أَنَّ الْبُطْلَانَ مُخْتَصٌّ بِظَاهِرِ الْفِسْقِ، دُونَ خَفِيِّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute