(خَلْفَ عَاجِزٍ عَنْ الْقِيَامِ) ؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ كَالْعَاجِزِ عَنْ الْقِرَاءَة إلَّا بِمِثْلِهِ (إلَّا إمَامَ الْحَيِّ وَهُوَ كُلُّ إمَامِ مَسْجِدٍ رَاتِبٍ) لِمَا فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٌّ، فَصَلَّى جَالِسًا، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إلَيْهِمْ أَنْ اجْلِسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ إلَى قَوْلِهِ وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ» قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: رُوِيَ هَذَا مَرْفُوعًا مِنْ طُرُقٍ مُتَوَاتِرَةٍ وَلِأَنَّ إمَامَ الْحَيِّ يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيمِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَالْقِيَامُ أَخَفُّ بِدَلِيلِ سُقُوطِهِ فِي النَّفْلِ (الْمَرْجُوِّ زَوَالُ عِلَّتِهِ) الَّتِي مَنَعَتْهُ الْقِيَامَ، لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَرْكِ الْقِيَامِ عَلَى الدَّوَامِ، أَوْ مُخَالَفَةِ الْخَبَرِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ: فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يُرْجَى زَوَالُ عِلَّتِهِ.
(وَيُصَلُّونَ وَرَاءَهُ) جُلُوسًا (وَ) يُصَلُّونَ أَيْضًا (وَرَاءَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ) إذَا مَرِضَ وَرُجِيَ زَوَالُ عِلَّتِهِ (جُلُوسًا) لِلْخَبَرِ.
قَالَ فِي الْخِلَافِ: هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَّى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَاعِدًا وَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأَجَابَ أَحْمَدُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ ابْتَدَأَ بِهِمْ قَائِمًا فَيُتِمُّهَا كَذَلِكَ وَالْجَمْعُ أَوْلَى مِنْ النَّسْخِ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ هُوَ الْإِمَامُ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فِي مَرَضِهِ، فِي ثَوْبٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ» وَرَوَاهُ أَنَسٌ أَيْضًا وَصَحَّحَهُمَا التِّرْمِذِيُّ قَالَ وَلَا نَعْرِفُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ إلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
قَالَ مَالِكٌ الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا لَا يُقَالُ: لَوْ كَانَ إمَامًا لَكَانَ عَنْ يَسَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ كَانَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ قِيلَ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ خَلْفَهُ صَفٌّ، وَنَقَلَ مِثْلَ قَوْلِنَا أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَجَابِرٌ وَقَيْسُ بْنُ فَهْدٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ (فَإِنْ صَلَّوْا قِيَامًا) خَلْفَ إمَامِ الْحَيِّ الْمَرْجُوِّ زَوَالُ عِلَّتِهِ (صَحَّتْ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ قَائِمًا بِالْإِعَادَةِ وَلِأَنَّ الْقِيَامَ هُوَ الْأَصْلُ.
(وَالْأَفْضَلُ لَهُ) أَيْ لِإِمَامِ الْحَيِّ (أَنْ يَسْتَخْلِفَ إذَا مَرِضَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ أَنَّهُ يُرْجَى زَوَالُ عِلَّتِهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مُخْتَلِفُونَ فِي صِحَّةِ إمَامَتِهِ، مَعَ أَنَّ صَلَاةَ الْقَائِمِ أَكْمَلُ وَكَمَالُهَا مَطْلُوبٌ.
(وَإِنْ ابْتَدَأَ بِهِمْ) الْإِمَامُ (الصَّلَاةَ قَائِمًا ثُمَّ اعْتَلَّ) أَيْ حَصَلَ لَهُ عِلَّةٌ (فَجَلَسَ) عَجْزًا (أَتَمُّوا خَلْفَهُ قِيَامًا وَلَمْ يَجُزْ الْجُلُوسُ نَصًّا) لِقِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ وَلِأَنَّ الْقِيَامَ هُوَ الْأَصْلُ فَإِذَا بَدَأَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ لَزِمَهُ فِي جَمِيعِهَا إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ كَمَنْ أَحْرَمَ فِي الْحَضَرِ ثُمَّ سَافَرَ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ.
(وَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ رُكْنًا) عِنْدَهُ وَحْدَهُ كَالطُّمَأْنِينَةِ (أَوْ) تَرَكَ الْإِمَامُ (وَاجِبًا) عِنْدَهُ وَحْدَهُ كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (أَوْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute