(وَلَوْ طَرَأَ عَجْزٌ) عَلَى الْقَائِمِ (فَأَتَمَّ الْفَاتِحَةَ فِي انْحِطَاطِهِ أَجْزَأَ) هـ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الْقُعُودَ وَالِانْحِطَاطَ أَعْلَى مِنْهُ.
(وَلَا) تُجْزِئُ الْفَاتِحَةُ (مَنْ بَرِئَ فَأَتَمَّهَا فِي ارْتِفَاعِهِ) أَيْ نُهُوضِهِ كَصَحِيحٍ قَرَأَهَا فِي نُهُوضِهِ.
(وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ وَعَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ قَائِمًا وَبِالسُّجُودِ قَاعِدًا) ؛ لِأَنَّ الرَّاكِعَ كَالْقَائِمِ فِي نَصْبِ رِجْلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ يُومِئَ بِهِ فِي قِيَامِهِ، وَالسَّاجِدُ كَالْجَالِسِ فِي جَمْعٍ فَوَجَبَ أَنْ يُومِئَ جَالِسًا، وَلْيَحْصُلَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِيمَاءَيْنِ وَمَنْ قَدَرَ أَنْ يَحْنِيَ رَقَبَتَهُ دُونَ ظَهْرِهِ حَنَاهَا وَإِذَا سَجَدَ قَرَّبَ وَجْهَهُ مِنْ الْأَرْضِ مَا أَمْكَنَهُ.
(وَلَوْ قَدَرَ الْقِيَامَ مُنْفَرِدًا، وَفِي جَمَاعَةٍ) لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بَلْ يَقْدِرُ أَنْ يُصَلِّيَ (جَالِسًا لَزِمَهُ الْقِيَامُ قَدَّمَهُ أَبُو الْمَعَالِي.
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ رُكْنٌ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ) عَلَيْهِ (وَهَذَا قَادِرٌ) عَلَيْهِ (وَالْجَمَاعَةُ وَاجِبَةٌ تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهَا) حَتَّى مَعَ الْقُدْرَةِ وَتَسْقُطُ لِلْعُذْرِ.
(وَقَدَّمَ فِي التَّنْقِيحِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ) بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا مُنْفَرِدًا وَبَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا فِي جَمَاعَةٍ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ.
قَالَ فِي الشَّرْحِ: لِأَنَّهُ يَفْعَلُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَاجِبًا وَيَتْرُكُ وَاجِبًا.
(وَلَوْ قَالَ إنْ أَفْطَرْتُ فِي رَمَضَانَ قَدَرْتُ عَلَى الصَّلَاةِ قَائِمًا وَإِنْ صُمْتُ صَلَّيْت قَاعِدًا أَوْ قَالَ إنْ صَلَّيْت قَائِمًا لَحِقَنِي سَلَسُ الْبَوْلِ، أَوْ امْتَنَعْتُ عَلَى الْقِرَاءَةِ، وَإِنْ صَلَّيْت قَاعِدًا امْتَنَعَ السَّلَسُ) وَأَمْكَنَتْ الْقِرَاءَةُ (فَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي يُصَلِّي قَاعِدًا فِيهِمَا) ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ لَهُ بَدَلٌ وَهُوَ الْقُعُودُ وَيَسْقُطُ فِي النَّفْلِ، بِخِلَافِ الْفِطْرِ وَفَوَاتِ الشَّرْطِ أَوْ الْقِرَاءَةِ وَتَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ.
(وَإِنْ قَدَرَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى صُدْغَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ) السُّجُودُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَا مِنْ أَعْضَاءِ السُّجُودِ وَيُومِئُ مَا يُمْكِنُهُ.
(وَإِذَا قَالَ طَبِيبٌ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِفِطْنَتِهِ وَحِذْقِهِ (مُسْلِمٌ ثِقَةٌ) أَيْ عَدْلٌ ضَابِطٌ فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُ كَافِرٍ وَلَا فَاسِقٍ،؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ دِينِيٌّ، فَاشْتُرِطَ لَهُ ذَلِكَ كَغَيْرِهِ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ (حَاذِقٌ فَطِنٌ لِمَرِيضٍ: إنْ صَلَّيْتَ مُسْتَلْقِيًا أَمْكَنَ مُدَاوَاتُكَ فَلَهُ) أَيْ الْمَرِيضِ (ذَلِكَ) أَيْ الصَّلَاةُ مُسْتَلْقِيًا (وَلَوْ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى جَالِسًا حِينَ جُحِشَ شِقُّهُ وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِعَجْزِهِ عَنْ الْقِيَامِ، بَلْ فَعَلَهُ إمَّا لِلْمَشَقَّةِ أَوْ وُجُودِ الضَّرَرِ أَشْبَهَ الْمَرَضَ وَتَرْكُهُ وَسِيلَةٌ إلَى الْعَافِيَةِ وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا وَاكْتُفِيَ بِالْوَاحِدِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ دِينِيٌّ أَشْبَهَ الرِّوَايَةَ وَمَنْ عَبَّرَ بِالْجَمْعِ فَمُرَادُهُ الْجِنْسُ، إذْ لَمْ يَقُلْ بِاشْتِرَاطِ الْجَمْعِ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ فِيمَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْإِنْصَافِ.
(وَيَكْفِي مِنْ الطَّبِيبِ غَلَبَةُ الظَّنِّ) لِتَعَذُّرِ الْيَقِينِ (وَنَصَّ) أَحْمَدُ (أَنَّهُ يُفْطِرُ بِقَوْلِ) طَبِيبٍ (وَاحِدٍ) أَيْ مُسْلِمٍ ثِقَةٍ (إنَّ الصَّوْمَ مِمَّا يُمَكِّنُ الْعِلَّةَ) وَقَاسَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَسْأَلَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ.