أَنَّهُمْ لَا يُتِمُّونَهَا جُمُعَةً، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا؟ : وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَصَّ إدْرَاكَهَا بِالرَّكْعَةِ (وَالْمَذْهَبُ يُتِمُّونَهَا جُمُعَةً) ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ نَصًّا، وَقِيَاسًا عَلَى بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ (فَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ الْخُطْبَتَيْنِ وَالتَّحْرِيمَةِ) لَزِمَهُمْ فِعْلُهَا؛ لِأَنَّهَا فَرْضُ الْوَقْتِ، وَقَدْ تَمَكَّنُوا مِنْهَا (أَوْ شَكُّوا فِي خُرُوجِ الْوَقْتِ لَزِمَهُمْ فِعْلُهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ.
(الثَّانِي أَنْ يَكُونُوا بِقَرْيَةٍ مُجْتَمِعَةِ الْبِنَاءِ بِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْبِنَاءِ بِهِ، مِنْ حَجَرٍ أَوْ لَبِنٍ أَوْ طِينٍ أَوْ قَصَبٍ أَوْ شَجَرٍ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَتَبَ إلَى قُرَى عُرَيْنَةَ أَنْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ» وَقَوْلُهُ: مُجْتَمِعَةُ الْبِنَاءِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: اعْتَبَرَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ اجْتِمَاعَ الْمَنَازِلِ فِي الْقَرْيَةِ قَالَهُ الْقَاضِي وَقَالَ أَيْضًا: مَعْنَاهُ مُتَقَارِبَةُ الِاجْتِمَاعِ وَالصَّحِيحُ: أَنَّ التَّفْرِيقَ إذَا لَمْ تَجْرِ بِهِ الْعَادَةُ لَمْ تَصِحَّ فِيهَا الْجُمُعَةُ زَادَ فِي الشَّرْحِ: إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَ مِنْهَا مَا يَسْكُنُهُ أَرْبَعُونَ فَتَجِبُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ، وَيَتْبَعُهُمْ الْبَاقُونَ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَالْمَجْدُ فِي فُرُوعِهِ: وَرَبَضُ الْبَلَدِ لَهُ حُكْمُهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ اهـ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: مُجْتَمِعَةُ الْبِنَاءِ عَلَى أَنْ لَا تَكُونَ مُتَفَرِّقَةً بِمَا يَخْرُجُ عَنْ الْعَادَةِ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ (يَسْتَوْطِنُهَا أَرْبَعُونَ) فَأَكْثَرُ، وَلَوْ (بِالْإِمَامِ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا) أَيْ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ.
لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ " أَوَّلُ مَنْ صَلَّى بِنَا الْجُمُعَةَ فِي نَقِيعِ الْخَضِمَاتِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَكُنَّا أَرْبَعِينَ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
وَقَالَ جَابِرٌ " مَضَتْ السُّنَّةُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ فَمَا فَوْقَ جُمُعَةٌ وَأَضْحَى وَفِطْرٌ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَفِيهِ ضَعْفٌ (اسْتِيطَانَ إقَامَةٍ لَا يَظْعَنُونَ) أَيْ يَرْحَلُونَ (عَنْهَا صَيْفًا وَلَا شِتَاءً) لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الِاسْتِيطَانُ (فَلَا تَجِبُ) الْجُمُعَةُ (وَلَا تَصِحُّ مِنْ مُسْتَوْطِنٍ بِغَيْرِ بِنَاءٍ، كَبُيُوتِ الشَّعْرِ وَالْخِيَامِ وَالْخَرَاكِي وَنَحْوِهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُقْصَدْ لِلِاسْتِيطَانِ غَالِبًا.
وَلِذَلِكَ كَانَتْ قَبَائِلُ الْعَرَبِ حَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِهَا زَادَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: وَلَوْ اتَّخَذُوهَا أَوْطَانًا لِأَنَّ اسْتِيطَانَهُمْ فِي غَيْرِ بُنْيَانٍ (وَلَا) تَجِبُ وَلَا تَصِحُّ (فِي بَلَدٍ يَسْكُنُهَا أَهْلُهَا بَعْضَ السَّنَةِ دُونَ بَعْضٍ) لِعَدَمِ الْإِقَامَةِ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَكَذَا لَوْ دَخَلَ قَوْمٌ بَلَدًا لَا سَاكِنَ بِهِ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ بِهِ سَنَةً فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ وَلَوْ أَقَامَ بِبَلَدٍ مَا يَمْنَعُ الْقَصْرَ وَأَهْلُهُ أَيْ الْبَلَدِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ فَلَا جُمُعَةَ أَيْضًا (أَوْ بَلَدٍ فِيهَا دُونَ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ) فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ، لِعَدَمِ صِحَّتهَا مِنْهُمْ (أَوْ) بَلَدٍ (مُتَفَرِّقَةٍ بِمَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute