هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ مِنْ أُمَّتِك يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ» .
(وَيَسْتَقْبِلُهُمْ) اسْتِحْبَابًا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: هُوَ كَالْإِجْمَاعِ (وَيَنْحَرِفُونَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْخَطِيبِ (فَيَسْتَقْبِلُونَهُ وَيَتَرَبَّعُونَ فِيهَا) أَيْ فِي حَالِ اسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ (وَإِنْ اسْتَدْبَرَهُمْ) الْخَطِيبُ (فِيهَا) أَيْ الْخُطْبَةِ (كُرِهَ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعْرَاضِ عَنْهُمْ وَمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَصَحَّ لِحُصُولِ السَّمَاعِ الْمَقْصُودِ.
(وَ) يُسَنُّ أَنْ (يَدْعُوَ لِلْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّ الدُّعَاءَ لَهُمْ مَسْنُونٌ فِي غَيْرِ الْخُطْبَةِ فَفِيهَا أَوْلَى وَهُوَ يَشْمَلُ الْمُسْلِمَاتِ تَغْلِيبًا (وَلَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ بِالدُّعَاءِ (لِمُعَيَّنٍ حَتَّى السُّلْطَانِ وَالدُّعَاءُ لَهُ مُسْتَحَبٌّ) فِي الْجُمْلَةِ قَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ لَوْ كَانَ لَنَا دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ لَدَعَوْنَا بِهَا لِإِمَامٍ عَادِلٍ وَلِأَنَّ فِي صَلَاحِهِ صَلَاحَ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ أَبَا مُوسَى كَانَ يَدْعُو فِي خُطْبَتِهِ لِعُمَرَ وَرَوَى الْبَزَّارُ «أَرْفَعُ النَّاسِ دَرَجَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ إمَامٌ عَادِلٌ» قَالَ أَحْمَدُ: إنِّي لَأَدْعُو لَهُ بِالتَّسْدِيدِ وَالتَّوْفِيقِ.
(وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ رَفْع يَدَيْهِ حَالَ الدُّعَاء فِي الْخُطْبَة) قَالَ الْمَجْد: هُوَ بِدْعَةٌ وِفَاقًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهَا.
(وَلَا بَأْسَ أَنْ يُشِيرَ بِإِصْبَعِهِ فِيهِ) أَيْ دُعَائِهِ فِي الْخُطْبَةِ، لِمَا رَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ " أَنَّ عُمَارَةَ بْنَ رُوَيْبَةَ رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الْخُطْبَةِ فَقَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ لَقَدْ «رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَزِيدُ أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ» (وَدُعَاؤُهُ عَقِبَ صُعُودِهِ لَا أَصْلَ لَهُ) وَكَذَا مَا يَقُولُ لَهُ مَنْ يَقِفُ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ مِنْ ذِكْرِ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ.
(وَإِنْ قَرَأَ سَجْدَةً فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ فَإِنْ شَاءَ نَزَلَ) عَنْ الْمِنْبَرِ (فَسَجَدَ وَإِنْ أَمْكَنَهُ السُّجُودُ عَلَى الْمِنْبَرِ سَجَدَ عَلَيْهِ) اسْتِحْبَابًا (وَإِنْ تَرَكَ السُّجُودَ فَلَا حَرَجَ) لِأَنَّهُ سُنَّةٌ لَا وَاجِبٌ وَتَقَدَّمَ فِعْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
(وَيُكْرَهُ أَنْ يُسْنِدَ الْإِنْسَانُ ظَهْرَهُ إلَى الْقِبْلَةِ) نَصَّ عَلَيْهِ وَاقْتَصَرَ الْأَصْحَابُ عَلَى اسْتِحْبَابِ اسْتِقْبَالِهَا وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ مَدُّ الرِّجْلِ إلَى الْقِبْلَةِ فِي النَّوْمِ وَغَيْرِهِ وَمَدُّ رِجْلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ ذَكَرَهُ فِي الْآدَابِ قَالَ: وَلَعَلَّ تَرْكُهُ أَوْلَى (وَلَا بَأْسَ بِالْحُبْوَةِ نَصًّا) مَعَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَفَعَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَكَرِهَهُ الشَّيْخَانِ، لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَفِيهِ ضَعْفٌ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَ) لَا بَأْسَ (بِالْقُرْفُصَاءِ، وَهِيَ الْجُلُوسُ عَلَى أَلْيَتَيْهِ رَافِعًا رُكْبَتَيْهِ إلَى صَدْرِهِ مُفْضِيًا بِأَخْمَصِ قَدَمَيْهِ إلَى الْأَرْضِ وَكَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ يَقْصِدُ هَذِهِ الْجِلْسَةَ وَلَا جِلْسَةَ أَخْشَعُ مِنْهَا) قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ: مَا رَأَيْت أَحْمَدَ جَالِسًا إلَّا الْقُرْفُصَاءَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَلَاةٍ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ إذْنُ الْإِمَامِ) لِأَنَّ عَلِيًّا صَلَّى بِالنَّاسِ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ فَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute