للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ مِنْ عَادَ يَعُودُ فَهُوَ الِاسْمُ مِنْهُ كَالْقِيلِ مِنْ الْقَوْلِ وَصَارَ عَلَمًا عَلَى الْيَوْمِ الْمَخْصُوصِ لِمَا تَقَدَّمَ وَجُمِعَ عَلَى أَعْيَادٍ بِالْيَاءِ وَأَصْلُهُ الْوَاوُ لِلُزُومِهَا فِي الْوَاحِدِ وَقِيلَ: لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَعْوَادِ الْخَشَبِ (وَهِيَ) أَيْ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ مَشْرُوعَةٌ إجْمَاعًا لِمَا يَأْتِي وَ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: ٢] هِيَ صَلَاةُ الْعِيدِ فِي قَوْلِ عِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ وَقَتَادَةَ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي السِّيَرِ وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ يُدَاوِمُونَ عَلَيْهَا وَلِأَنَّهَا مِنْ أَعْلَامِ الدِّينِ الظَّاهِرَةِ فَكَانَتْ وَاجِبَةً كَالْجِهَادِ، بِدَلِيلِ قَتْلِ تَارِكِهَا وَلَمْ تَجِبْ عَلَى الْأَعْيَانِ لِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَرُوِيَ أَنَّ أَوَّلَ صَلَاةِ عِيدٍ صَلَّاهَا النَّبِيُّ عِيدُ الْفِطْرِ، فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَوَاظَبَ عَلَى صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ حَتَّى مَاتَ (إنْ تَرَكَهَا أَهْلُ بَلَدٍ) يَبْلُغُونَ أَرْبَعِينَ بِلَا عُذْرٍ (قَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ) كَالْأَذَانِ، لِأَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ وَفِي تَرْكِهَا تَهَاوُنٌ بِالدِّينِ.

(وَكُرِهَ أَنْ يَنْصَرِفَ مَنْ حَضَرَ) مُصَلَّى الْعِيدِ (وَيَتْرُكَهَا) كَتَفْوِيتِهِ حُصُولِ أَجْرِهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ.

(وَوَقْتُهَا كَصَلَاةِ الضُّحَى) مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَيْدَ رُمْحٍ إلَى قُبَيْلِ الزَّوَالِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ بَعْدَهُ لَمْ يُصَلُّوهَا إلَّا بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ، بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلُ فِعْلُهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ إلَّا الْأَفْضَلَ وَرَوَى الْحَسَنُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَغْدُو إلَى الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ فَيَتِمُّ طُلُوعُهَا وَكَانَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ إذَا حَضَرَ» وَ (لَا) يَدْخُلُ وَقْتُ الْعِيدِ (بِطُلُوعِ الشَّمْسِ) قَبْلَ ارْتِفَاعِهَا قَيْدَ رُمْحٍ لِأَنَّهُ وَقْتٌ نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَلَمْ يَكُنْ وَقْتًا لِلْعِيدِ كَمَا قَبْلَ طُلُوعِهَا (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعِيدِ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ أَخَّرُوهَا) وَلَوْ (لِغَيْرِ عُذْرٍ خَرَجَ مِنْ الْغَدِ فَصَلَّى بِهِمْ قَضَاءً وَلَوْ أَمْكَنَ) قَضَاؤُهَا (فِي يَوْمِهَا) لِمَا رَوَى أَبُو عُمَيْرِ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ «غُمَّ عَلَيْنَا هِلَالُ شَوَّالٍ، فَأَصْبَحْنَا صِيَامًا فَجَاءَ رَكْبٌ فِي آخِرِ النَّهَارِ فَشَهِدُوا إنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا مِنْ يَوْمِهِمْ، وَأَنْ يَخْرُجُوا غَدًا لِعِيدِهِمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَحَسَّنَهُ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تُصَلَّى غَيْرَ يَوْمِ الْعِيدِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ " سُنَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى أَنْ تُتَّبَعَ " وَحَدِيثُ أَبِي عُمَيْرٍ صَحِيحٌ فَالْمَصِيرُ إلَيْهِ وَاجِبٌ وَكَالْفَرَائِضِ (وَكَذَا لَوْ مَضَى أَيَّامٌ) لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>