وَقَالَ " سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «الْمَيِّتُ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَالَ: الْمُرَادُ بِثِيَابِهِ عَمَلُهُ قَالَ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤] وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ الْأَكْثَرُ.
(فَإِذَا مَاتَ سُنَّ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَغْمَضَ أَبَا سَلَمَةَ وَقَالَ إنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ شَدَّادٍ مَرْفُوعًا «إذَا حَضَرْتُمْ الْمَيِّتَ فَأَغْمِضُوا الْبَصَرَ فَإِنَّ الْبَصَرَ يَتْبَعُ الرُّوحَ وَقُولُوا خَيْرًا فَإِنَّهُ يُؤَمَّنُ عَلَى مَا قَالَ أَهْلُ الْمَيِّتِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلِئَلَّا يَقْبُحَ مَنْظَرُهُ، وَيُسَاءُ بِهِ الظَّنُّ.
(وَيُكْرَهُ) التَّغْمِيضُ (مِنْ جُنُبٍ وَحَائِضٍ، وَأَنْ يَقْرَبَاهُ) أَيْ الْمَيِّتَ حَائِضٌ أَوْ جُنُبٌ نَصَّ عَلَيْهِ (وَلِلرَّجُلِ أَنْ يُغْمِضَ ذَاتَ مَحْرَمِهِ) كَأُمِّهِ وَأُخْتِهِ وَأُمِّ زَوْجَتِهِ وَأُخْتِهِ مِنْ رَضَاعٍ.
(وَ) لِلْمَرْأَةِ أَنْ (تُغْمِضَ ذَا مَحْرَمِهَا) كَأَبِيهَا وَأَخِيهَا، وَيُغْمِضُ الْأُنْثَى مِثْلُهَا أَوْ صَبِيٌّ وَفِي الْخُنْثَى وَجْهَانِ.
(وَيَقُولُ) حِينَ تَغْمِيضِهِ (بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ) نَصَّ عَلَيْهِ (وَلَا يَتَكَلَّمُ مَنْ حَضَرَهُ إلَّا بِخَيْرٍ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَقُولُوا خَيْرًا فَإِنَّهُ يُؤَمَّنُ عَلَى مَا قَالَهُ أَهْلُ الْمَيِّتِ» .
(وَيَشُدُّ لِحْيَيْهِ) لِئَلَّا يَدْخُلَهُ الْهَوَامُّ أَوْ الْمَاءُ فِي وَقْتِ غُسْلِهِ (وَيُلَيِّنُ مَفَاصِلَهُ عَقِبَ مَوْتِهِ) قَبْلَ قَسْوَتِهَا لِتَبْقَى أَعْضَاؤُهَا سَهْلَةٌ عَلَى الْغَاسِلِ لَيِّنَةً وَيَكُونُ ذَلِكَ (بِإِلْصَاقِ ذِرَاعَيْهِ بِعَضُدَيْهِ ثُمَّ يُعِيدُهُمَا، وَإِلْصَاقِ سَاقَيْهِ بِفَخِذَيْهِ وَفَخِذَيْهِ بِبَطْنِهِ ثُمَّ يُعِيدُهَا فَإِنْ شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ تَرَكَهُ) بِحَالِهِ.
(وَيَنْزِعُ ثِيَابَهُ) لِئَلَّا يُحْمَى جَسَدُهُ فَيُسْرِعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ وَيَتَغَيَّرُ وَرُبَّمَا خَرَجَتْ مِنْهُ نَجَاسَةٌ فَلَوَّثَتْهَا (وَيُسَجَّى) أَيْ يُغَطَّى (بِثَوْبٍ) يَسْتُرهُ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ تُوُفِّيَ سُجِّيَ بِبُرْدِ حِبَرَةٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَيَجْعَلُ عَلَى بَطْنِهِ مِرْآةً) بِكَسْرِ الْمِيمِ الَّتِي يُنْظَرُ فِيهَا (مِنْ حَدِيدٍ أَوْ طِينٍ وَنَحْوِهِ) لِقَوْلِ أَنَسٍ " ضَعُوا عَلَى بَطْنِهِ شَيْئًا مِنْ حَدِيدٍ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ بَطْنُهُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا وَهُوَ عَلَى ظَهْرِهِ انْتَهَى لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى جَنْبِهِ لَا يَثْبُتُ عَلَى بَطْنِهِ شَيْءٌ، فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَيِّتَ بَعْدَ مَوْتِهِ يَكُونُ عَلَى ظَهْرِهِ لِيَتَصَوَّرَ وَضْعَ الْحَدِيدَةِ وَنَحْوِهَا.
(وَيُوضَعُ عَلَى سَرِيرِ غُسْلِهِ) لِيَبْعُدَ عَنْ الْهَوَامِّ وَيَرْتَفِعَ عَنْ نَدَاوَةِ الْأَرْضِ (مُتَوَجِّهًا) إلَى الْقِبْلَةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ «قِبْلَتُكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» (عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ) كَمَا يُدْفَنُ (مُنْحَدِرًا نَحْوَ رِجْلَيْهِ) أَيْ يَكُونُ رَأْسُهُ أَعْلَى مِنْ رِجْلَيْهِ، لِيَنْحَدِرَ عَنْهُ الْمَاءُ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهُ (وَلَا