للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَبَاعُدًا عَنْ النَّجَاسَةِ (ثُمَّ يَسْتَجْمِرُ) بِالْحَجَرِ أَوْ نَحْوِهِ (ثُمَّ يَسْتَنْجِي) بِالْمَاءِ (مُرَتَّبًا نَدْبًا) .

لِقَوْلِ عَائِشَةَ لِلنِّسَاءِ «مُرْنَ أَزْوَاجَكُنَّ أَنْ يُتْبِعُوا الْحِجَارَةَ الْمَاءَ، فَإِنِّي أَسْتَحْيِيهِمْ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِنْهَاءِ، لِأَنَّ الْحَجَرَ يُزِيلُ عَيْنَ النَّجَاسَةِ، فَلَا تُبَاشِرُهَا يَدُهُ وَالْمَاءُ يُزِيلُ مَا بَقِيَ (فَإِنْ عَكَسَ) بِأَنْ بَدَأَ بِالْمَاءِ وَثَنَّى بِالْحَجَرِ (كُرِهَ) لَهُ ذَلِكَ نَصًّا لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إلَّا التَّقْذِيرُ.

(وَمَنْ اسْتَجْمَرَ فِي فَرْجٍ وَاسْتَنْجَى فِي) فَرْجٍ (آخَرَ فَلَا بَأْسَ) بِذَلِكَ (وَلَا يُجْزِئُ الِاسْتِجْمَارُ فِي قُبُلَيْ خُنْثَى مُشْكِلٌ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلِيّ مِنْهُمَا غَيْرُ مَعْلُومٍ وَالِاسْتِجْمَارُ لَا يُجْزِئُ فِي فَرْجٍ غَيْرِ أَصْلِيٍّ.

(وَلَا) يُجْزِئُ الِاسْتِجْمَارُ (فِي مَخْرَجٍ غَيْرِ فَرْجٍ) أَيْ لَوْ انْسَدَّ الْمَخْرَجُ وَانْفَتَحَ آخَرُ لَمْ يَجُزْ فِيهِ الِاسْتِجْمَارُ، لِأَنَّهُ نَادِرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى سَائِرِ النَّاسَ فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ أَحْكَامُ الْفَرْجِ؛ وَلِأَنَّ لَمْسَهُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِيلَاجِ فِيهِ شَيْءٌ مَنْ أَحْكَامِ الْوَطْءِ أَشْبَهَ سَائِرَ الْبَدَنِ.

(وَيُسْتَحَبُّ) لِلْمُسْتَنْجِي (دَلْكُ يَدِهِ بِالْأَرْضِ الطَّاهِرَةِ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ) لِحَدِيثِ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

(وَيَجْزِيهِ أَحَدُهُمَا) أَيْ الِاسْتِجْمَارُ أَوْ الِاسْتِنْجَاءُ، فَيَكْفِي الِاسْتِجْمَارُ وَلَوْ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَاءِ، لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «إذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلَى الْغَائِطِ فَلْيَسْتَطِبْ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَإِنَّهَا تُجْزِي عَنْهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

(وَالْمَاءُ أَفْضَلُ) مِنْ الْحَجَرِ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الْعَيْنَ وَالْأَثَرَ وَمَا حُكِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمَا أَنْكَرَا الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ كَانَ عَلَى مَنْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ، وَلَا يَرَى الْأَحْجَارَ مُجْزِئَةً، لِأَنَّهُمَا شَاهَدَا مَنْ النَّاسَ مُحَافَظَةً عَلَيْهِ.

فَخَافَا التَّعَمُّقَ فِي الدِّينِ (وَجَمْعُهُمَا) أَيْ الْحَجَرُ وَالْمَاءُ مُرَتَّبًا كَمَا مَرَّ (أَفْضَلُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَاءِ وَحْدَهُ، لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عَائِشَةَ.

(وَفِي التَّنْقِيحِ: الْمَاءُ أَفْضَلُ كَجَمْعِهِمَا، وَهُوَ) أَيْ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمَاءِ وَجَمْعِهِمَا (سَهْوٌ) وَأَجَابَ التَّقِيُّ الْفَتُوحِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَرَضُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا الْغَرَضُ تَشْبِيهُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، أَوْ الْمَعْنَى كَمَا أَنَّ جَمْعَهُمَا أَفْضَلُ مِنْ الْمَاءِ فَلَا سَهْوَ (إلَّا أَنْ يَعْدُو) أَيْ يَتَجَاوَزُ (الْخَارِجُ مَوْضِعَ الْعَادَةِ) كَأَنْ يَنْتَشِرَ الْخَارِجُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الصَّفْحَةِ، أَوْ يَمْتَدَّ إلَى الْحَشَفَةِ امْتِدَادًا غَيْرَ مُعْتَادٍ (فَلَا يُجْزِئُ إلَّا الْمَاءُ لِلْمُتَعَدِّي فَقَطْ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِجْمَارَ فِي الْمَحِلِّ الْمُعْتَادِ رُخْصَةٌ لِلْمَشَقَّةِ فِي غَسْلِهِ، لِتَكَرُّرِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، فَمَا لَا يَتَكَرَّرُ لَا يُجْزِي فِيهِ إلَّا الْمَاءُ.

وَيُجْزِئُ الْحَجَرُ فِي الَّذِي فِي مَحِلِّ الْمَادَّةِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ (كَتَنْجِيسِ مَخْرَجٍ بِغَيْرِ خَارِجٍ) مِنْهُ فَلَا يُجْزِئُ فِيهِ إلَّا الْمَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>