بِغَيْرِ حَائِلٍ (وَلَا النَّظَرُ إلَيْهَا) لِأَنَّ التَّطْهِيرَ يُمْكِنُ بِدُونِ ذَلِكَ فَأَشْبَهَ حَالَ الْحَيَاةِ وَذَكَرَ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ عَلِيًّا حِينَ غَسَّلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَفَّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً حِينَ غَسَلَ فَرْجَهُ " (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَمَسَّ سَائِرَ بَدَنِهِ إلَّا بِخِرْقَةٍ) لِفِعْلِ عَلِيٍّ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلِيَأْمَنَ مَسَّ الْعَوْرَةِ الْمُحَرَّمِ مَسُّهَا ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ فَحِينَئِذٍ يُعِدُّ الْغَاسِلُ ثَلَاثَ خِرَقٍ، خِرْقَتَيْنِ لِلسَّبِيلَيْنِ، وَالثَّالِثَةَ لِبَقِيَّةِ بَدَنِهِ.
(وَلَا يَجِبُ فِعْلُ الْغُسْلِ فَلَوْ تُرِكَ) الْمَيِّتُ (تَحْتَ مِيزَابٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا يُصَبُّ مِنْهُ الْمَاءُ (وَحَضَرَهُ أَهْلٌ لِغُسْلِهِ) وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ (وَنَوَى) غُسْلَهُ (وَمَضَى زَمَنُ يُمْكِنُ غُسْلُهُ فِيهِ) يَعْنِي وَعَمَّهُ الْمَاءُ (صَحَّ) ذَلِكَ وَأَجْزَأَ، لِأَنَّ الْقَصْدَ تَعْمِيمُهُ بِالْمَاءِ وَقَدْ حَصَلَ كَالْحَيِّ وَهَذَا يَرُدَّ مَا سَبَقَ فِيمَا إذَا مَاتَتْ امْرَأَةٌ بَيْنَ رِجَالٍ وَعَكْسِهِ.
(ثُمَّ يَنْوِي) غَاسِلُ الْمَيِّتِ بَعْدَ تَجْرِيدِهِ وَسَتْرِ عَوْرَتِهِ وَتَنْجِيَتِهِ (غُسْلَهُ) لِتَعَذُّرِ النِّيَّةِ مِنْ الْمَيِّتِ وَقِيَامِ الْغَاسِلِ مُقَامَهُ.
(وَنِيَّتُهُ) أَيْ الْغُسْلِ (فَرْضٌ) فَلَا يَصِحُّ غُسْلُهُ بِدُونِهَا لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» لَكِنْ عَدَّهَا شَرْطًا أَنْسَبُ بِمَا تَقَدَّمَ (وَكَذَا تَعْمِيمُ بَدَنِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِهِ) أَيْ بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ فَرْضٌ كَالْحَيِّ (ثُمَّ يُسَمِّي) الْغَاسِلُ، فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ لَا يَقُومُ غَيْرُهَا مُقَامَهَا (وَحُكْمُهَا) أَيْ التَّسْمِيَةِ هُنَا (حُكْمُ تَسْمِيَةِ وُضُوءِ وَغُسْلِ حَيٍّ) فَتَجِبُ مَعَ الذِّكْرِ وَتَسْقُطُ سَهْوًا قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ (ثُمَّ يَغْسِلُ) الْغَاسِلُ (كَفَّيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ نَدْبًا كَغُسْلِ الْحَيِّ (وَيَعْتَبِرُ غُسْلَ مَا عَلَيْهِ مِنْ نَجَاسَةٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَطْهِيرُهُ.
وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ قُلْتُ: وَمُقْتَضَى مَا سَبَقَ فِي الْحَيِّ: لَا يَجِبُ غَسْلُ النَّجَاسَةِ قَبْلَ غُسْلِهِ، إنْ لَمْ تَمْنَعْ وُصُولَ الْمَاءِ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ حَدَثٌ قَبْلَ زَوَالِ حُكْمِ خَبَثٍ (وَلَا يَكْفِي مَسْحُهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ (وَلَا وُصُولُ الْمَاءِ إلَيْهَا) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْغُسْلِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى السَّبِيلَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا لَكِنْ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ الْخَارِجُ، أَيْ مِنْ السَّبِيلَيْنِ مَوْضِعَ الْعَادَةِ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ الِاسْتِجْمَارُ.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْخِلَ أُصْبُعَهُ السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ عَلَيْهِمَا خِرْقَةٌ) صِيَانَةً لِلْيَدِ وَإِكْرَامًا لِلْمَيِّتِ (خَشِنَةً مَبْلُولَةً بِالْمَاءِ بَيْنَ شَفَتَيْهِ، فَيَمْسَحُ أَسْنَانَهُ وَ) فِي (مَنْخِرَيْهِ وَيُنَظِّفُهُمَا) لِإِزَالَةِ مَا عَلَى تِلْكَ الْأَعْضَاءِ مِنْ الْأَذَى (وَلَا يُدْخِلُهُ) أَيْ الْمَاءَ (فِيهِمَا) أَيْ الْفَمِ وَالْأَنْفِ لِأَنَّهُ إذَا وَصَلَ إلَى جَوْفِهِ حَرَّكَ النَّجَاسَةَ.
(وَيَتَتَبَّعُ مَا تَحْتَ أَظَافِرِهِ) مِنْ وَسَخٍ (بِعُودٍ) لِيَصِلَ الْمَاءُ إلَى مَحَلِّهِ (إنْ لَمْ يُمْكِنْ قَلْمُهَا) فَإِنْ أَمْكَنَ قَلَمَهَا.
(وَيُسَنُّ) لِلْغَاسِلِ (أَنْ يُوَضِّئَهُ فِي أَوَّلِ غَسَلَاتِهِ كَوُضُوءِ حَدَثٍ) لِمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأُمِّ عَطِيَّةَ فِي غُسْلِ ابْنَتِهِ «ابْدَأْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute