للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَضُلَ عَنْ حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ) مِنْ كَفَنٍ وَمُؤْنَةِ تَجْهِيزٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ وَلَوْ لِلَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ» .

(وَإِنْ أَوْصَى) أَنْ يُكَفَّنَ (فِي أَثْوَابٍ ثَمِينَةٍ لَا تَلِيقُ بِهِ تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ، لِأَنَّهَا بِمَكْرُوهٍ (وَالْجَدِيدُ أَفْضَلُ مِنْ الْعَتِيقِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَمْرِ الشَّارِعِ، بِتَحْسِينِهِ (مَا لَمْ يُوصِ بِغَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ الْجَدِيدِ فَيُمْتَثَلُ، لِمَا رُوِيَ عَنْ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ " كَفِّنُونِي فِي ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ، فَإِنَّ الْحَيَّ أَحْوَجُ إلَى الْجَدِيدِ مِنْ الْمَيِّتِ، وَإِنَّهُمَا لِلْمُهْلَةِ وَالتُّرَابِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِمَعْنَاهُ.

(وَلَا بَأْسَ بِاسْتِعْدَادِ الْكَفَنِ، لِحَلٍّ أَوْ لِعِبَادَةٍ فِيهِ قِيلَ لِأَحْمَدَ: يُصَلَّى فِيهِ ثُمَّ يَغْسِلْهُ وَيَضَعُهُ لِكَفَنِهِ فَرَآهُ حَسَنًا) لِمَا فِيهِ مِنْ أَثَرِ الْعِبَادَةِ وَالِاسْتِعْدَادِ لِلْمَوْتِ.

(وَيَجِبُ كَفَنُ الرَّقِيقِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (عَلَى مَالِكِهِ) كَنَفَقَتِهِ حَالَ الْحَيَاةِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ) بِأَنْ لَمْ يَخْلُفْ شَيْئًا أَوْ تَلِفَ قَبْلَ أَنْ يُجَهَّزَ (فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ حَالَ الْحَيَاةِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ.

(وَكَذَلِكَ دَفْنُهُ) كَفَنُ امْرَأَتِهِ أَيْ: مُؤْنَتُهُ (وَمَا لَا بُدَّ لِلْمَيِّتِ مِنْهُ) كَحَمْلِهِ وَسَائِرِ تَجْهِيزِهِ (إلَّا الزَّوْجَ) فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ كَفَنُ امْرَأَتِهِ وَلَا مُؤْنَةَ تَجْهِيزِهَا نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ وَجَبَا فِي النِّكَاحِ لِلتَّمْكِينِ مِنْ الِاسْتِمَاعِ وَلِهَذَا تَسْقُط بِالنُّشُوزِ وَالْبَيْنُونَةِ وَقَدْ انْقَطَعَ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ فَأَشْبَهْت الْأَجْنَبِيَّةَ وَفَارَقَتْ الرَّقِيقَ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ تَجِبُ بِحَقِّ الْمِلْكِ لَا بِالِانْتِفَاعِ.

وَلِهَذَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْآبِقِ وَفِطْرَتُهُ فَتُكَفَّنُ الزَّوْجَةُ مِنْ مَالِهَا إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مُزَوَّجَةً مِنْ قَرِيبٍ وَمَوْلَى (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَجَبَ كَفَنُهُ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، إنْ كَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا) كَنَفَقَتِهِ إذَنْ قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَإِنْ كُفِّنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَثَوْبٌ وَفِي الزَّائِدِ لِلْكَمَالِ وَجْهَانِ وَيَتَوَجَّهُ ثَوْبٌ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى الْأَكْفَانِ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُبْدِعِ وَخَرَجَ الْكَافِرُ وَلَوْ ذِمِّيًّا فَلَا يُكَفَّنُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ إنَّمَا أُوجِبَتْ عِصْمَتُهُمْ فَلَا نُؤْذِيهِمْ لَا إرْفَاقهمْ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ الْمَالِ، أَوْ مَكَانٌ وَتَعَذَّرَ الْأَخْذُ مِنْهُ، فَكَفَنُهُ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ (عَلَى مُسْلِمٍ عَالِمٍ بِهِ) أَيْ: بِالْمَيِّتِ كَنَفَقَةِ الْحَيِّ وَكِسْوَتِهِ.

(وَيُكْرَهُ) التَّكْفِينُ (فِي رَقِيقٍ يَحْكِي هَيْئَةَ الْبَدَنِ) لِرِقَّتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَصِفْ الْبَشَرَةَ نَصَّ عَلَيْهِ كَمَا يُكْرَهُ لِلْحَيِّ لُبْسُهُ.

(وَ) يُكْرَهُ التَّكْفِينُ أَيْضًا (بِشَعْرٍ وَصُوفٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِهِ) لِأَنَّهُ خِلَافُ فِعْلِ السَّلَفِ.

(وَ) يُكْرَهُ التَّكْفِينُ (بِمُزَعْفَرٍ وَمُعَصْفَرٍ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ حَتَّى الْمَنْقُوشِ قُطْنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ لَاحِقٍ بِحَالِ الْمَيِّتِ (وَيَحْرُمُ بِجُلُودِ) «لِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَزْعِ الْجُلُودِ عَنْ الشُّهَدَاءِ، وَأَنْ يُدْفَنُوا فِي ثِيَابِهِمْ» (وَ) .

يَحْرُمُ أَيْضًا بِ (حَرِيرٍ وَمُذَهَّبٍ) وَمُفَضَّضٍ (وَلَوْ لِامْرَأَةٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>