يُنَبِّهْ عَلَى النِّيَّةِ هُنَا اكْتَفَى بِمَا تَقَدَّمَ، لِحَدِيثْ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَصِفَة النِّيَّةِ هُنَا: أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ عَلَى هَذَا الْمَيِّتِ، أَوْ هَؤُلَاءِ الْمَوْتَى إنْ كَانُوا جَمَاعَةً عَرَفَ عَدَدَهُمْ أَوْ لَا (وَيَضَعُ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ) بَعْدَ حَطِّهِمَا أَوْ فَرَاغِ التَّكْبِيرِ، وَيَجْعَلُهُمَا تَحْتَ سُرَّتِهِ، كَمَا سَبَقَ (وَيَعُوذُ) وَيُبَسْمِلُ (قَبْلَ الْفَاتِحَةِ) لِمَا سَبَقَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَلَا يَسْتَفْتِحُ) لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ.
وَلِذَلِكَ لَمْ يُشْرَعْ فِيهَا قِرَاءَةُ سُورَةٍ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (وَيُكَبِّرُ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ) لِمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبَّرَ عَلَى الْجِنَازَةِ أَرْبَعًا» .
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَخَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى، وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ» ، وَفِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ «صَلَّى عَلَى قَبْرٍ بَعْدَ مَا دُفِنَ، وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ» وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (وَيَقْرَأُ فِي) التَّكْبِيرَةِ (الْأُولَى: الْفَاتِحَةَ، فَقَطْ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ سُورَةٍ، لِمَا تَقَدَّمَ: أَنَّ مَبْنَى هَذِهِ الصَّلَاةِ عَلَى التَّخْفِيفِ (سِرًّا وَلَوْ لَيْلًا) لِمَا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ «السُّنَّةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يَقْرَأَ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ مُخَافَتَةً، ثُمَّ يُكَبِّرَ ثَلَاثًا وَالسَّلَامُ» .
وَعَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوَيْدٍ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ نَحْوُهُ رَوَاهُمَا النَّسَائِيُّ، وَلَا تُقَاسُ عَلَى الْمَكْتُوبَةِ لِأَنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ وَالْجِنَازَةُ غَيْرُ مُؤَقَّتَةٍ، فَأَشْبَهَتْ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهَا (وَيُصَلِّي) سِرًّا (عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي) التَّكْبِيرَةِ (الثَّانِيَةِ) لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ وَالْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " أَنَّ «السُّنَّةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ، ثُمَّ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى سِرًّا فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُخْلِصُ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ» وَتَكُونُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ (كَمَا فِي التَّشَهُّدِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا سَأَلُوهُ " كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ عَلَّمَهُمْ ذَلِكَ وَقَالَ فِي الْكَافِي: لَا تَتَعَيَّنُ صَلَاةٌ، لِأَنَّ الْقَصْدَ مُطْلَقُ الصَّلَاةِ وَمَعْنَاهُ فِي الشَّرْحِ.
(وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَا فِي التَّشَهُّدِ، خِلَافًا لِلْقَاضِي.
فَإِنْ اسْتَحَبَّ بَعْدَهَا " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَلَائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَنْبِيَائِكَ الْمُرْسَلِينَ وَأَهْلِ طَاعَتِكَ أَجْمَعِينَ مِنْ أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَأَهْلِ الْأَرَضِينَ، إنَّك عَلَى كَلْءٍ شَيْءٌ قَدِيرٌ " (وَيَدْعُو) لِلْمَيِّتِ (فِي) التَّكْبِيرَةِ (الثَّالِثَةِ سِرًّا بِأَحْسَنِ مَا يَحْضُرُهُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، وَفِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute