وَقَالَ هَذَا رِكْسٌ» يَعْنِي نَجَسًا، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَهَذَا تَعْلِيلٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَلَا بِغَيْرِ جَامِدٍ كَالرِّخْوَةِ وَالنَّدَى لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِنْقَاءُ، فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ كَالْأَمْلَسِ مَنْ زُجَاجٍ وَنَحْوِهِ (وَلَا) ب (الْمَغْصُوبِ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِجْمَارَ رُخْصَةٌ، وَالرُّخَصُ لَا تُسْتَبَاحُ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ (وَالْإِنْقَاءُ بِأَحْجَارٍ وَنَحْوِهَا) كَخَشَبٍ، وَخِرَقٍ (إزَالَةُ الْعَيْنِ) الْخَارِجَةِ مِنْ السَّبِيلَيْنِ (حَتَّى لَا يَبْقَى إلَّا أَثَرٌ لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ وَ) الْإِنْقَاءُ (بِمَاءٍ حَتَّى خُشُونَةَ الْمَحِلِّ) أَيْ عَوْدِهِ (كَمَا كَانَ) لِزَوَالِ لُزُوجَةِ النَّجَاسَةِ وَآثَارِهَا مَعَ الْإِتْيَانِ بِالْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ (إلَّا الرَّوْثَ وَالْعِظَامَ) فَلَا يُجْزِئُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِمَا، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا تَسْتَنْجُوا بِالرَّوْثِ وَلَا بِالْعِظَامِ، فَإِنَّهُ زَادُ إخْوَانِكُمْ مِنْ الْجِنِّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَ) (إلَّا الطَّعَامَ وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ) فَلَا يُجْزِئُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَّلَ الْمَنْعَ مَنْ الرَّوْثِ وَالْعَظْمِ بِأَنَّهُ زَادُ الْجِنِّ، فَزَادُنَا وَزَادُ بَهَائِمِنَا أَوْلَى (وَ) إلَّا (مَا لَهُ حُرْمَةٌ كَمَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ) قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّارِحُ (وَكُتُبِ حَدِيثٍ وَفِقْهٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ، الشَّرِيعَةِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِحُرْمَتِهَا.
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ (وَكُتُبٌ مُبَاحَةٌ) احْتِرَامًا لَهَا (وَ) إلَّا (مَا حُرِّمَ اسْتِعْمَالُهُ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَغْصُوبِ (وَ) إلَّا (مُتَّصِلًا بِحَيَوَانٍ) كَيَدِهِ وَجِلْدِهِ وَصُوفِهِ؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَهُ حُرْمَةٌ، وَلِهَذَا مَنَعْنَا مَالِكَهُ مَنْ إطْعَامِهِ النَّجَاسَةَ (وَ) إلَّا (جِلْدَ سَمَكٍ وَجِلْدَ حَيَوَانٍ مُذْكَى) كَحَالِ اتِّصَالِهِ (وَ) إلَّا (حَشِيشًا رَطْبًا) لِأَنَّهُ زَادُ الْبَهَائِمِ، وَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِنْقَاءُ (فَيَحْرُمُ وَلَا يُجْزِئُ) الِاسْتِجْمَارُ بِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قُلْتُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُتَنَجِّسَ مَنْ نَحْوِ حَجَرٍ إذَا اسْتَعْمَلَهُ لِتَخْفِيفِ النَّجَاسَةِ لِيُتْبِعهُ الْمَاءَ لَا يَحْرُمُ.
وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يَشْمَلُهُ (فَإِنْ اسْتَجْمَرَ بَعَدَهُ بِمُبَاحٍ) لَمْ يُجْزِئْهُ وَوَجَبَ الْمَاءُ (أَوْ اسْتَنْجَى بِمَائِعٍ غَيْرِ الْمَاءِ) كَالْخَلِّ (لَمْ يُجْزِئْهُ) الِاسْتِجْمَارُ (وَتَعَيَّنَ الْمَاءُ) كَمَا لَوْ اسْتَجْمَرَ بِنَجَسٍ (وَإِنْ اسْتَجْمَرَ بِغَيْرِ مُنَقٍّ) كَزُجَاجٍ (أَجْزَأَ الِاسْتِجْمَارُ بَعَدَهُ بِمُنَقٍّ) كَحَجَرٍ لِبَقَاءِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ فَتَزُولُ بِالْمُنَقِّي بِخِلَافِ مَا قَبْلُ (وَلَا يُجْزِئُ) فِي الِاسْتِجْمَارِ (أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثِ مَسْحَاتٍ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِقَوْلٍ سَلْمَانَ «نَهَانَا يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مَنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (إمَّا بِحَجَرٍ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ عَدَدُ الْمَسْحَاتِ لَا الْأَحْجَارُ، بِدَلِيلِ التَّعْدِيَةِ إلَى مَا فِي مَعْنَى الْحِجَارَةِ (أَوْ بِثَلَاثَةِ) أَحْجَارٍ وَمَا فِي مَعْنَاهَا (تَعُمُّ كُلُّ مَسْحَةٍ الْمُسَرِّبَةَ) أَيْ الدُّبُرَ (وَالصَّفْحَتَيْنِ) لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ تَكُنْ مَسْحَةً، بَلْ بَعْضُهَا (مَعَ الْإِنْقَاءِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ. (وَلَوْ اسْتَجْمَرَ ثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute