للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِينَ الذُّرِّيَّةِ) يُشِيرُ بِهِ إلَى قَوْله تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢] قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ سُؤَالُ تَكْرِيمٍ، وَسُؤَالُ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنْ ثَبَتَ - فَهُوَ سُؤَالُ تَشْرِيفٍ وَتَعْظِيمٍ كَمَا أَنَّ التَّكَالِيفَ فِي دَارِ الدُّنْيَا لِبَعْضٍ تَكْرِيمٌ وَلِبَعْضٍ امْتِحَانٌ وَنَكَالٌ (وَالْكِبَارُ يُسْأَلُونَ عَنْ مُعْتَقَدِهِمْ فِي الدُّنْيَا) وَعَنْ (إقْرَارِهِمْ الْأَوَّلِ) حِينَ الذُّرِّيَّةِ.

(وَيُسَنُّ وَضْعُهُ فِي لَحْدِهِ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ) لِأَنَّ هَذِهِ سُنَّةُ النَّائِمِ وَهُوَ يُشْبِهُهُ (وَوَضْعُ لَبِنَةٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ) تَحْتَ رَأْسِهِ (كَمَا يَضَعُ الْحَيُّ تَحْتَ رَأْسِهِ) قَالَ فِي الْمُنْتَهَى وَشَرْحِهِ: وَيُوضَعُ تَحْتَ رَأْسِهِ لَبِنَةً، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَحَجَرٌ فَإِنْ عُدِمَ فَقَلِيلٌ مِنْ تُرَابٍ، لَا آجُرَّةَ لِأَنَّهُ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ وَيُفْضِي بِخَدِّهِ الْأَيْمَنِ إلَى الْأَرْضِ بِأَنْ يُزَالَ الْكَفَنُ عَنْهُ وَيُلْصَقَ بِالْأَرْضِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الِاسْتِكَانَةِ وَالتَّضَرُّعِ وَلِقَوْلِ عُمَرَ " إذَا أَنَا مِتَّ فَافْضُوَا بِخَدِّي إلَى الْأَرْضِ ".

(وَتُكْرَهْ مِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ تُجْعَلُ تَحْتَ رَأْسِهِ نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ وَغَيْرُ لَائِقٍ بِالْحَالِ (وَالْمَنْصُوصُ: وَ) تُكْرَهُ (مِضْرَبَةٌ وَقَطِيفَةٌ تَحْتَهُ) قَالَ أَحْمَدُ: مَا أُحِبُّ أَنْ يَجْعَلُوا فِي الْأَرْضِ مِضْرَبَةٌ، وَلِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُلْقَى تَحْتَ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ شَيْءٌ، ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ " لَا تَجْعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَ الْأَرْضِ شَيْئًا " وَالْقَطِيفَةُ الَّتِي وُضِعَتْ تَحْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا وَضَعَهَا شُقْرَانُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَنْ اتِّفَاقٍ مِنْ الصَّحَابَةِ.

(وَنَصُّهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (لَا بَأْسَ بِهَا) أَيْ: الْمِضْرَبَةِ أَوْ الْقَطِيفَةِ (مِنْ عِلَّةٍ وَيُسْنَدُ) الْمَيِّتُ (خَلْفَهُ) بِتُرَابٍ، لِئَلَّا يَنْقَلِبَ (وَ) يُسْنَدُ (أَمَامَهُ بِتُرَابٍ لِئَلَّا يَسْقُطَ) فَيَنْكَبَّ عَلَى وَجْهِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُدْنَى مِنْ الْحَائِطِ لِئَلَّا يَنْكَبَّ عَلَى وَجْهِهِ.

(وَيَجِبُ اسْتِقْبَالُهُ) أَيْ: أَنْ يُدْفَنَ مُسْتَقْبِلَ (الْقِبْلَةِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْكَعْبَةِ: «قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» وَلِأَنَّ ذَلِكَ طَرِيقَةُ الْمُسْلِمِينَ، بِنَقْلِ الْخَلَفِ عَنْ السَّلَفِ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَكَذَا دُفِنَ (وَيُسَنُّ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ) الدَّفْنَ (أَنْ يَحْثُوَ التُّرَابَ فِيهِ) أَيْ: الْقَبْرِ (مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ ثَلَاثًا) أَيْ: ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ (بِالْيَدِ، ثُمَّ يُهَالُ عَلَيْهِ التُّرَابُ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ ثُمَّ أَتَى قَبْرَ الْمَيِّتِ، فَحَثَى عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ ثَلَاثًا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَعَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَة «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>