للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ «لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أُخْرِجَ بِجِنَازَتِهِ، فَدُفِنَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ فَلَمْ نَسْتَطِعْ حَمْلَهُ فَقَامَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، فَحَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَالَ: أُعَلِّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، أَدْفِنُ إلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ.

(وَيُكْرَهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْقَبْرِ (سَوَاءٌ لَاصَقَ الْبِنَاءَ الْأَرْضَ أَوْ لَا وَلَوْ فِي مُلْكِهِ مِنْ قُبَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَزَادَ «وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ» وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

(وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي) كِتَابِهِ (إغَاثَةِ اللَّهْفَانِ) مِنْ مَكَايِدِ الشَّيْطَانِ (يَجِبُ هَدْمُ الْقِبَابِ الَّتِي عَلَى الْقُبُورِ لِأَنَّهَا أُسِّسَتْ عَلَى مَعْصِيَةِ الرَّسُولِ انْتَهَى وَهُوَ) أَيْ: الْبِنَاءُ (فِي) الْمَقْبَرَةِ (الْمُسَبَّلَةِ أَشَدُّ كَرَاهَةً) لِأَنَّهُ تَضْيِيقٌ بِلَا فَائِدَةٍ، وَاسْتِعْمَالٌ لِلْمُسَبَّلَةِ فِيمَا لَمْ تُوضَعْ لَهُ (وَعَنْهُ: مَنْعُ الْبِنَاءِ فِي وَقْفٍ عَامٍّ) وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ: رَأَيْتُ الْأَئِمَّةَ بِمَكَّةَ يَأْمُرُونَ بِهَدْمِ مَا يُبْنَى وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ: هُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ تَمِيمٍ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ: أَنَّ الْأَشْهَرَ لَا يُمْنَعَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْمَنْقُولَ فِي هَذَا: مَا سَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَمَّنْ اتَّخَذَ حُجْرَةً فِي الْمَقْبَرَةِ قَالَ: لَا يُدْفَنُ فِيهَا وَالْمُرَادُ: لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَهُوَ كَغَيْرِهِ.

وَجَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ حَفْرُ قَبْرٍ فِي مُسَبَّلَةٍ قَبْلَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَهَهُنَا أَوْلَى.

(قَالَ الشَّيْخُ) مَنْ بَنَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ فِيهَا فَ (هُوَ غَاصِبٌ) وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: فِيهِ تَضْيِيقٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ فِي مِلْكِهِ إسْرَافٌ وَإِضَاعَةُ مَالٍ وَكُلٌّ مَنْهِيٌّ عَنْهُ.

(قَالَ أَبُو حَفْصٍ تُحَرَّمُ الْحُجْرَةُ بَلْ تُهْدَمُ، وَهُوَ) أَيْ: الْقَوْلُ بِتَحْرِيمِ الْبِنَاءِ فِي الْمُسَبَّلَةِ (الصَّوَابُ) لِمَا يَأْتِي فِي الْوَقْفِ أَنَّهُ يَجِبُ صَرْفُهُ لِلْجِهَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا الْوَاقِفُ.

(وَكَرِهَ أَحْمَدُ الْفُسْطَاطَ وَالْخَيْمَةَ عَلَى الْقَبْرِ) لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ " أَوْصَى حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَنْ لَا تَضْرِبُوا عَلَيَّ فُسْطَاطًا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ " وَرَأَى ابْنُ عُمَرَ فُسْطَاطًا عَلَى قَبْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: انْزِعْهُ يَا غُلَامُ فَإِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ " وَلِأَنَّ الْخِيَامَ بُيُوتُ أَهْلِ الْبَرِّ فَكُرِهَتْ، كَمَا كُرِهَتْ بُيُوتُ أَهْلِ الْمُدُنِ (وَتَغْشِيَةُ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ) أَيْ: سَتْرُهَا بِغَاشِيَةٍ (لَيْسَ مَشْرُوعًا فِي الدِّينِ) قَالَهُ الشَّيْخُ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: فِي كِسْوَةِ الْقَبْرِ بِالثِّيَابِ: اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ هَذَا مُنْكَرٌ، إذَا فُعِلَ بِقُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِمْ؟ .

(وَتُكْرَهْ الزِّيَادَةُ عَلَى تُرَابِ الْقَبْرِ مِنْ غَيْرِهِ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>