وَزَادَ وَقَالَ تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: ٩] أَيْ: طَهَّرَهَا عَنْ الْأَدْنَاسِ وَتُطْلَقُ عَلَى الْمَدْحِ قَالَ تَعَالَى {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: ٣٢] وَعَلَى الصَّلَاحِ يُقَال رَجُلٌ زَكِيٌّ، أَيْ: زَائِدُ الْخَيْرِ مِنْ قَوْمٍ أَزْكِيَاءٍ وَزَكَّى الْقَاضِي الشُّهُودَ: إذَا بَيَّنَ زِيَادَتَهُمْ فِي الْخَيْرِ وَسَمَّى الْمَالَ الْمُخْرَجَ زَكَاةً لِأَنَّهُ يَزِيد فِي الْمُخْرَجِ مِنْهُ وَيَقِيهِ الْآفَاتِ وَأَصْلُ التَّسْمِيَةِ قَوْله تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣] وَقِيلَ: لِأَنَّهَا تُطَهِّرُ مُؤَدِّيهَا مِنْ الْإِثْمِ، وَتُنَمِّي أَجْرَهُ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: إنَّمَا تُنَمِّي الْفُقَرَاءَ (وَهِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ، الْإِسْلَامِ) وَمَبَانِيهِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ - فَذَكَر مِنْهَا - وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ " (وَفُرِضَتْ بِالْمَدِينَةِ) ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ طَلَبُهَا وَبَعْثُ السُّعَاةِ لِقَبْضِهَا فَهَذَا بِالْمَدِينَةِ وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: إنَّ الظَّوَاهِرَ فِي إسْقَاطِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ مُعَارَضَةٌ بِظَوَاهِرَ تَقْتَضِي وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ مَالٍ كَقَوْلِهِ {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} [المعارج: ٢٤] وَاحْتَجَّ فِي أَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ فِعْلُهَا وَيُعَاقَبُ بِهَا بِقَوْلِهِ: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} [فصلت: ٦] {الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [فصلت: ٧] وَالسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ الْمُفَسِّرِينَ فَسَّرُوا الزَّكَاةَ فِيهَا بِالتَّوْحِيدِ اهـ وَقَالَ الْحَافِظُ شَرَفُ الدِّينِ الدِّمْيَاطِيُّ: إنَّهَا فُرِضَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ، بَعْدَ زَكَاةِ الْفِطْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عِبَادَة: " أَمَرَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِزَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الزَّكَوَاتِ ".
وَفِي تَارِيخِ ابْنِ جَرِير الطَّبَرِيِّ: أَنَّهَا فُرِضَتْ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَقِيلَ: فُرِضَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَبُيِّنَتْ بَعْدَهَا (وَهِيَ) أَيْ: الزَّكَاةُ شَرْعًا (حَقٌّ وَاجِبٌ) يَأْتِي تَقْدِيرُهُ فِي أَبْوَابِ الْمُزَكَّيَاتِ (فِي مَالٍ مَخْصُوصٍ) يَأْتِي بَيَانُهُ قَرِيبًا فِي كَلَامِهِ (لِطَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ) وَهُمْ الْأَصْنَافُ الثَّمَانِيَةُ الْمُشَارُ إلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠] الْآيَةَ (فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ) وَهُوَ تَمَامُ الْحَوْلِ فِي الْمَاشِيَةِ وَالْأَثْمَانِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute