لِشَمْلِهَا (عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِير دُونَ الْمَالِكِ) أَيْ إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ أَوْ اسْتَعَارَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا أَوْ غَرَسَهَا مَا أَثْمَرَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَهِيَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ دُونَ مَالِك الْأَرْضِ وَهُوَ مُعِيرُهَا أَوْ مُؤَجِّرُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» الْحَدِيثُ وَكَتَاجِرٍ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا أَوْ اسْتَعَارَهَا لِبَيْعِ عُرُوضِهِ وَفِي إيجَابِهِ عَلَى الْمَالِكِ إجْحَافٌ يُنَافِي الْمُوَاسَاةَ وَهِيَ مِنْ حُقُوقِ الزَّرْعِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ إنْ لَمْ تُزْرَعْ وَتَتَقَيَّدُ بِقَدْرِهِ.
(وَالْخَرَاجُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَالِك الْأَرْضِ (دُونَهُمَا) أَيْ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْأَرْضِ (وَلَا زَكَاةَ فِي قَدْرِ الْخَرَاجِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُقَابِلُهُ لِأَنَّهُ كَدَيْنِ آدَمِيٍّ وَلِأَنَّهُ مِنْ مُؤْنَةِ الْأَرْضِ كَنَفَقَةِ زَرْعِهِ) كَأُجْرَةِ الْحَرْثِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ مُؤْنَةِ الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْوُجُوبِ (وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِمَالِكِ الْأَرْضِ (سِوَى غَلَّةِ الْأَرْضِ وَفِيهَا مَا فِيهِ زَكَاةٌ) كَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَبُرٍّ وَشَعِيرٍ.
(وَ) فِيهَا (مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ كَالْخُضَرِ) مِنْ بِطِّيخٍ وَيَقْطِينٍ وَقِثَّاءٍ وَنَحْوِهَا (جَعَلَ الْخَرَاجَ فِي مُقَابَلَتِهِ) أَيْ مَا لَا زَكَاةَ فِي مُقَابَلَتِهِ (أَيْ مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ إنْ وَفَّى بِهِ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْفُقَرَاءِ " وَزَكَّى الْبَاقِيَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ إلَّا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَدَّى الْخَرَاجَ مِنْ غَلَّتِهَا وَزَكَّى مَا بَقِيَ (وَلَا يَنْقُصُ النِّصَابُ بِمُؤْنَةِ الْحَصَادِ، وَ) مُؤْنَةِ (الدِّيَاسِ وَغَيْرِهِمَا) كَالْجُذَاذِ وَالتَّصْفِيَةِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ (لَسَبَقَ الْوُجُوبُ ذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالِاشْتِدَادِ وَبُدُوِّ الصَّلَاحِ وَذَلِكَ سَابِقٌ لِلْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَالْجُذَاذِ وَنَحْوِهِمَا وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ (وَتَلْزَمُ الزَّكَاةُ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ مَنْ حُكِمَ أَنَّ الزَّرْعَ لَهُ) لِأَنَّ الزَّكَاةَ عَلَى الْمَالِكِ.
(وَإِنْ كَانَتْ) الْمُزَارَعَةُ (صَحِيحَةً فَعَلَى مَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ مِنْهُمَا) أَيْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ (نِصَابًا) بِنَفْسِهَا أَوْ ضَمَّهَا إلَى زَرْعٍ لَهُ آخَرَ (الْعُشْرُ) أَوْ نِصْفُهُ أَوْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ عَلَى مَا سَبَقَ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْمُسَاقَاةِ بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَى الْعَامِلِ فِي حِصَّتِهِ وَلَوْ بَلَغْت نِصَابًا لِأَنَّ الرِّبْحَ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ.
(وَمَتَى حَصَدَ غَاصِبُ الْأَرْضِ زَرْعَهُ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ) عَلَيْهِ فَلَا يَتَمَلَّكُهُ رَبُّ الْأَرْضِ (وَزَكَّاهُ) لِاسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ تَمَلَّكَهُ رَبُّ الْأَرْضِ قَبْلَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ زَكَّاهُ) لِثُبُوتِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ وَقْتَ وُجُوبِهَا وَإِنْ تَمَلَّكَهُ بَعْدَ اشْتِدَادٍ فَقِيلَ: يُزَكِّيهِ الْغَاصِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute