كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ السَّفَلَةِ، وَأَنْ يَحْلِقَ مُقَدَّمَهُ وَيَتْرُكُ مُؤَخِّرَهُ.
(وَ) يُكْرَهُ (حَلْقُ الْقَفَا) بِالْقَصْرِ (مُنْفَرِدًا عَنْ الرَّأْسِ، إذَا لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ لِحِجَامَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) قَالَ الْمَرْوَزِيُّ، سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَلْقِ الْقَفَا: فَقَالَ هُوَ مِنْ فِعْلِ الْمَجُوسِ وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ وَقَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَحْلِقَ قَفَاهُ فِي الْحِجَامَةِ (وَهُوَ) أَيْ الْقَفَا (مُؤَخِّرُ الْعُنُقِ) وَعُلِمَ مَنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ حَلْقُهُ مَعَ الرَّأْسِ، أَوْ مُنْفَرِدًا لِحَاجَةٍ إلَيْهِ.
(وَيَجِبُ خِتَانُ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَجُلٍ أَسْلَمَ «أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ وَاخْتَتِنْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَفِي الْحَدِيثِ «اخْتَتَنَ إبْرَاهِيمُ بَعْدَ مَا أَتَتْ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ سَنَةً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ وَقَالَ تَعَالَى {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: ١٢٣] وَلِأَنَّهُ مِنْ شِعَارِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ وَاجِبًا كَسَائِرِ شِعَارِهِمْ.
وَقَالَ أَحْمَدُ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُشَدِّدُ فِي أَمْرِهِ حَتَّى قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا حَجَّ لَهُ وَلَا صَلَاةَ.
وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَخْتَتِنَّ، وَلِأَنَّ هُنَاكَ فُضْلَةً فَوَجَبَ إزَالَتُهَا كَالرَّجُلِ، وَقْتَ وُجُوبِهِ (عِنْدَ بُلُوغٍ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَانُوا لَا يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلتَّكْلِيفِ (مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ) فَيَسْقُطُ وُجُوبُهُ كَالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
قَالَ ابْنُ قُنْدُسٍ: فَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّ الْخَوْفَ الْمُسْقِطَ لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مُسْقِطٌ لِلْخِتَانِ وَحَيْثُ تَقَرَّرَ وُجُوبُ الْخِتَانِ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (فَخَتْنُ ذَكَرِ خُنْثَى مُشْكِلٍ وَفَرْجِهِ) احْتِيَاطًا (وَلِلرَّجُلِ إجْبَارُ زَوْجَتِهِ الْمُسْلِمَةِ عَلَيْهِ) كَالصَّلَاةِ (وَ) الْخِتَانُ (زَمَنَ صِغَرٍ أَفْضَلُ إلَى التَّمْيِيزِ) لِأَنَّهُ أَسْرَعُ بَرْءًا لِيَنْشَأَ عَلَى أَكْمَلِ الْأَحْوَالِ وَخِتَانُ الذَّكَرِ (بِأَخْذِ جِلْدَةِ حَشَفَةِ ذَكَرٍ) وَيُقَالُ لَهَا الْقُلْفَةُ وَالْغُرْلَةُ (فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى) أَخْذِ (أَكْثَرِهَا جَازَ) نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ (وَ) خَفْضُ الْجَارِيَةِ (أَخْذُ جِلْدَةِ أُنْثَى فَوْقَ مَحِلِّ الْإِيلَاجِ تُشْبِهُ عُرْفَ الدِّيكِ) .
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ (لَا تُؤْخَذَ كُلُّهَا مِنْ امْرَأَةٍ نَصًّا) لِلْخَبَرِ وَلِأَنَّهُ يُضْعِفُ شَهْوَتَهَا (يُكْرَهُ) خِتَانُ (يَوْمَ سَابِعٍ) لِلتَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ (وَ) يُكْرَهُ الْخِتَانُ (مِنْ) حِينِ (الْوِلَادَةِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى يُومِ السَّابِعِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَمْ يَذْكُرْ كَرَاهَةَ الْأَكْثَرِ.
(وَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ) أَيْ بِالْخِتَانِ (وَلِيُّ الْأَمْرِ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَرَضٍ يُخَافُ مِنْ مِثْلِهِ الْمَوْتُ مِنْ الْخِتَانِ فَتَلِفَ) بِسَبَبِهِ ضَمِنَهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ (أَوْ أَمَرَهُ) وَلِيُّ الْأَمْرِ (بِهِ وَزَعَمَ الْأَطِبَّاءُ أَنَّهُ يُتْلِفُهُ أَوْ ظُنَّ تَلَفُهُ ضَمِنَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ.
وَفِي الْفُصُولِ: إنْ فَعَلَهُ فِي شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ فِي مَرَضٍ