للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِخْرَاجُ، كَمَالٍ غَائِبٍ بَانَتْ سَلَامَتُهُ.

(وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ فِطْرَةُ زَوْجَةٍ نَاشِزٍ وَقْتَ الْوُجُوبِ) أَيْ وُجُوبِ زَكَاةِ الْفِطْرِ (وَلَوْ) كَانَتْ (حَامِلًا) لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ وَلَا تَلْزَمُ فِطْرَتَهُ (وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجُ) أَيْضًا فِطْرَةَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا، كَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا لَمْ تُسَلَّمْ إلَيْهِ أَيْ تَبْذُلُ التَّسْلِيمَ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا.

(وَالصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا) أَيْ بِنْتٌ دُونَ تِسْعٍ، لِأَنَّ الْفِطْرَةَ تَابِعَةٌ لِلنَّفَقَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ (وَتَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَرِيضَةٍ وَنَحْوِهَا، لَا تَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ) لِأَنَّ عَدَمَ احْتِيَاجِهَا لِلنَّفَقَةِ لَا لِخَلَلٍ فِي الْمُقْتَضَى لَهَا بِخِلَافِ مَا قَبْلُ.

(وَمَنْ لَزِمَ غَيْرَهُ فِطْرَتُهُ) كَالزَّوْجَةِ (فَأَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ إذْنِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ (أَجْزَأَ) إخْرَاجُهُ (كَمَا لَوْ أَخْرَجَ بِإِذْنِهِ) لِأَنَّهُ أَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ، فَأَجْزَأَهُ، كَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ (لِأَنَّ الْغَيْرَ مُحْتَمَلٌ) لِكَوْنِهَا طُهْرَةً (لَا أَصِيلَ) وَإِنْ كَانَ مُخَاطَبًا بِهَا (وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْ مَنْ تَلْزَمُهُ فِطْرَةُ غَيْرِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ) كَالزَّوْجِ الْقَادِرِ إذَا لَمْ يُخْرِجْ فِطْرَةَ زَوْجَتِهِ (لَمْ يَلْزَمْ الْغَيْرَ) الَّذِي هُوَ الزَّوْجَةُ فِي الْمِثَالِ (شَيْءٌ) لِعَدَمِ خِطَابِهَا بِهَا.

(وَلَهُ) أَيْ الْغَيْرِ الَّذِي وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ (مُطَالَبَتُهُ بِالْإِخْرَاجِ) كَنَفَقَتِهِ قُلْت وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ وَلَدًا، فَيُطَالِبُ وَالِدَهُ بِهَا، كَالنَّفَقَةِ.

(وَلَوْ أَخْرَجَ الْعَبْدُ) فِطْرَتَهُ (بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يُجْزِئُهُ) لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَالِ سَيِّدِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ.

(وَإِنْ أَخْرَجَ) مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ (عَمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ) كَأَجْنَبِيٍّ (بِإِذْنِهِ، أَجْزَأَ) إخْرَاجُهُ عَنْهُ (وَإِلَّا فَلَا) قَالَ الْآجُرِّيُّ: هَذَا قَوْلُ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ.

(وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَ الْفِطْرَةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُطَالَبًا بِهِ) لِتَأَكُّدِهَا، بِدَلِيلِ وُجُوبِهَا عَلَى الْفَقِيرِ، وَشُمُولِهَا لِكُلِّ مُسْلِمٍ قَدَرَ عَلَى إخْرَاجِهَا فَجَرَى مَجْرَى النَّفَقَةِ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْمَالِ، فَإِنَّهَا تَجِبُ بِالْمِلْكِ، وَالدَّيْنُ يُؤَثِّرُ فِيهِ، وَالْفِطْرَةُ تَجِبُ عَلَى الْبَدَنِ، وَهُوَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ مُطَالَبًا بِهِ مَنَعَ وُجُوبِهَا، لِوُجُوبِ أَدَائِهِ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ، وَتَأَكُّدِهِ بِكَوْنِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ، لَا يَسْقُطُ بِالْإِعْسَارِ، أَشْبَهَ مَنْ لَا فَضْلَ عِنْدَهُ.

(وَتَجِبُ) زَكَاةُ الْفِطْرِ (بِغُرُوبِ شَمْسِ لَيْلَةِ عِيدِ) (الْفِطْرِ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ «فَرَضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، فَأَضَافَ الصَّدَقَةَ إلَى الْفِطْرِ فَكَانَتْ وَاجِبَةً بِهِ، لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَقْتَضِي الِاخْتِصَاصَ، وَأَوَّلُ فِطْرٍ يَقَعُ مِنْ جَمِيعِ رَمَضَانَ بِمَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ (فَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ الْغُرُوبِ (أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بَعْدَهُ أَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ) بَعْدَهُ (أَوْ مَلَكَ عَبْدًا)

<<  <  ج: ص:  >  >>