للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِأَيْ أَعْضَائِي بَدَأْتُ قَالَ أَحْمَدُ إنَّمَا عَنَى بِهِ الْيُسْرَى قَبْلَ الْيُمْنَى لِأَنَّ مَخْرَجَهُمَا فِي الْكِتَابِ وَاحِدٌ.

وَرَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ عَلِيًّا سُئِلَ فَقِيلَ لَهُ إنَّ أَحَدَنَا يَسْتَعْجِلُ فَيَغْسِلُ شَيْئًا قَبْلَ شَيْءٍ فَقَالَ لَا حَتَّى يَكُونُ كَمَا أَمَرَ اللَّه تَعَالَى وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ تَبْدَأَ بِرِجْلَيْكَ قَبْلَ يَدَيْكَ فِي الْوُضُوءِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى لَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ.

(وَالْمُوَالَاةُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ شَرْطٌ وَالثَّانِي جَوَابٌ وَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ وَهُوَ الْقِيَامُ وَجَبَ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ عَنْهُ جَوَابُهُ وَهُوَ غَسْلُ الْأَعْضَاءِ يُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمْعَةٌ قَدْرُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَزَادَ وَالصَّلَاةَ، وَهَذَا صَحِيحٌ وَفِيهِ بَقِيَّةٌ وَهُوَ ثِقَةٌ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ وَلَوْ لَمْ تَجِبْ الْمُوَالَاةُ لَأَجْزَأَهُ غَسْلُ اللُّمْعَةِ فَقَطْ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ تَوَضَّأَ إلَّا مُتَوَالِيًا وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطُ فِي الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ الْمَغْسُولَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْعُضْوِ الْوَاحِدِ.

(وَسَبَبُ وُجُوبِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ (الْحَدَثُ) فَيَجِبُ بِالْحَدَثِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ.

وَفِي الِانْتِصَارِ بِإِرَادَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَهُ وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ لَا تَجِبُ الطَّهَارَةُ قَبْلَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ بَلْ تُسْتَحَبُّ قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ إذَنْ وَوُجُوبِ الشَّرْطِ بِوُجُوبِ الْمَشْرُوطِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي غُسْلٍ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ لَفْظِيٌّ اهـ وَحَدِيثُ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ» (وَيَحِلُّ) الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ (جَمِيعَ الْبَدَنِ كَجَنَابَةٍ) ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ وَأَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمُحْدِثَ لَا يَحِلُّ لَهُ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِعُضْوٍ غَسَلَهُ فِي الْوُضُوءِ حَتَّى يُتِمَّ وُضُوءَهُ.

قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ (وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ فُرِضَتْ قَبْلَ التَّيَمُّمِ) ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اُفْتُرِضَ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ الصَّلَاةُ وَالْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ قَالَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ لَمْ يُفْرَضْ قَبْلَ الْوُضُوءِ وَإِنَّهُ لَمْ يُصَلِّ قَطُّ بِمَكَّةَ صَلَاةً إلَّا بِوُضُوءٍ قَالَ وَهَذَا مِمَّا لَا يَجْهَلُهُ عَالِمٌ وَلَا يَدْفَعُهُ إلَّا مُعَانِدٌ.

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ جِبْرِيلَ آتَاهُ فِي أَوَّلِ مَا أُوحِيَ إلَيْهِ فَعَلَّمَهُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ» خَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَتَكَلَّمَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ وَغَيْرُهُ لِأَجْلِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ رَشِيدُ بْنُ سَعْدٍ فَرَوَاهُ قَالَ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ الْمُحَدِّثُ الْحَلَبِيُّ اعْلَمْ أَنَّ الْوُضُوءَ أَوَّلُ مَا فُرِضَ مَعَ الصَّلَاةِ اهـ.

وَكَذَلِكَ فِي الْمُبْدِعِ وَكَانَ فَرْضُهُ مَعَ فَرْضِ الصَّلَاةِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فَآيَةُ الْمَائِدَةِ مُقَرِّرَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>