للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَجْدُ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ فِي وَقْتٍ كَانَتْ الْكِفَايَةُ الْغَالِبَةُ فِيهِ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا، وَلِذَلِكَ جَاءَ التَّقْدِيرُ عَنْهُ بِأَرْبَعِينَ، وَبِخَمْسِ أَوَاقٍ، وَهِيَ مِائَتَا دِرْهَمٍ.

(وَإِنْ تَفَرَّغَ قَادِرًا عَلَى التَّكَسُّبِ لِلْعِلْمِ) الشَّرْعِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لَهُ (وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ) بَيْنَ الْعِلْمِ وَالتَّكَسُّبِ (أُعْطِيَ) مِنْ الزَّكَاةِ لِحَاجَتِهِ.

وَ (لَا) يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ (إنْ تَفَرَّغَ) قَادِرٌ عَلَى التَّكَسُّبِ (لِلْعِبَادَةِ) لِقُصُورِ نَفْعِهَا عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْعِلْمِ.

(وَإِطْعَامِ الْجَائِعِ وَنَحْوِهِ) كَسَقْيِ الْعَطْشَانِ، وَإِكْسَاءِ الْعَارِي، وَفَكُّ الْأَسِيرِ (وَاجِبٌ) عَلَى الْكِفَايَةِ إجْمَاعًا (مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ) وِفَاقًا وَعَنْ ابْن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «إنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ الزَّكَاةَ إلَّا لِيَطِيبَ مَا بَقِيَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ» وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا «إذَا أَدَّيْتَ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْجُمْهُورُ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْحَقِّ فِي الْآيَةِ: الزَّكَاةُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ، وَمَا جَاءَ غَيْرُ ذَلِكَ: حُمِلَ عَلَى النَّدْبِ، وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ انْتَهَى، قُلْتُ: وَالْمُرَادُ الرَّاتِبُ، وَأَمَّا مَا يَعْرِضُ لِجَائِعٍ وَعَارٍ، وَأَسِيرٍ وَنَحْوِهِ فَيَجِبُ عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ، فَلَا تَعَارُضَ.

(وَمَنْ أُبِيحَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ) قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ مِنْ زَكَاةٍ وَصَدَقَةِ تَطَوُّعٍ، وَكَفَّارَةٍ، وَنَذْرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (أُبِيحَ لَهُ سُؤَالُهُ) لِظَاهِرِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِلسَّائِلِ حَقٌّ وَإِنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ» وَلِأَنَّهُ يَطْلُبُ حَقَّهُ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي الرَّجُلِ لَهُ الْأَخُ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَيَرَى عِنْدَهُ مِنْ الشَّيْءِ يُعْجِبُهُ، فَيَقُولُ: هَبْ هَذَا لِي، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ يَجْرِي بَيْنَهُمَا، وَلَعَلَّ الْمَسْئُولَ يَجِبُ أَنْ يَسْأَلَهُ أَخُوهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَكْرَهُ الْمَسْأَلَةَ كُلَّهَا وَلَمْ يُرَخِّصْ فِيهَا إلَّا أَنَّهُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْأَبِ أَيْسَرُ، وَذَلِكَ «أَنَّ فَاطِمَةَ أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَأَلَتْهُ خَادِمًا» وَإِنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَقَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُ بِكَذَا، فَهَبْ لِي مِنْهُ كَذَا، فَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ لَا تُعْجِبُنِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَحِلُّ الْمَسْأَلَةُ إلَّا لِثَلَاثٍ» وَسَأَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، رُبَّمَا اشْتَرَيْتُ الشَّيْءَ، فَأَقُولُ: أَرْجِحْ لِي؟ فَقَالَ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ: لَا تُعْجِبُنِي، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ يُكْرَهُ، وَاخْتَارَ الْمَجْدُ: أَنَّهُ لَا يُكْرَه؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ السَّائِلَ إمْضَاءُ الْعَقْدِ بِدُونِهَا، فَتَصِيرُ ثَمَنًا، لَا هِبَةً.

(وَيَحْرُمُ السُّؤَالُ) أَيْ سُؤَالُ الزَّكَاةِ أَوْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، أَوْ الْكَفَّارَةِ وَنَحْوِهَا (وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ) أَيْ يَكْفِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُمَا إذَنْ وَوَسَائِلُ الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمَةٌ (وَلَا بَأْسَ بِمَسْأَلَةِ شُرْبِ الْمَاءِ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَاحْتَجَّ بِفِعْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>