لِكَلَامِ الْقَاضِي.
(وَإِنْ رَآهُ) أَيْ: هِلَالَ شَوَّالٍ (عَدْلَانِ وَلَمْ يَشْهَدَا عِنْدَ الْحَاكِمِ جَازَ لِمَنْ سَمِعَ شَهَادَتَهُمَا الْفِطْرُ إذَا عَرَفَ عَدَالَتَهُمَا وَ) جَازَ (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُفْطِرَ بِقَوْلِهِمَا إذَا عَرَفَ عَدَالَةَ الْآخَرِ) ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْح، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَقَدَّمَ فِي الْمُبْدِعِ عَدَمَ الْجَوَازِ وَأَنَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ.
(وَإِنْ شَهِدَا عِنْدَ الْحَاكِمِ) بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ (فَرَدَّ) الْحَاكِمُ (شَهَادَتَهُمَا، لِجَهْلِهِ بِحَالِهِمَا فَلِمَنْ عَلِمَ عَدَالَتَهُمَا الْفِطْرُ؛ لِأَنَّ رَدَّهُ هَاهُنَا لَيْسَ بِحُكْمٍ مِنْهُ) بِعَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا (إنَّمَا هُوَ تَوَقَّفَ لِعَدَمِ عِلْمِهِ) بِحَالِهِمَا (فَهُوَ كَالْوُقُوفِ عَنْ الْحُكْمِ انْتِظَارًا لِلْبَيِّنَةِ وَلِهَذَا لَوْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ) مِمَّنْ زَكَّاهُمَا (حُكِمَ بِهَا) لِوُجُودِ الْمُقْتَضَى، وَالْخِلَافُ فِي هَذِهِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَأَمَّا إذَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا لِفِسْقِهِمَا فَلَيْسَ لَهُمَا وَلَا لِغَيْرِهِمَا الْفِطْرُ بِشَهَادَتِهِمَا.
(وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْرِفْ أَحَدُهُمَا عَدَالَةَ الْآخَرِ، لَمْ يَجُزْ لَهُ الْفِطْرُ) لِاحْتِمَالِ فِسْقِهِ (إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِذَلِكَ حَاكِمٌ) فَيَزُولُ اللَّبْسُ، وَكَذَا لَوْ جَهِلَ غَيْرُهُمَا عَدَالَتَهُمَا أَوْ عَدَالَةَ أَحَدِهِمَا فَلَيْسَ لَهُ الْفِطْرُ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِذَلِكَ الْحَاكِمُ.
(وَإِذَا اشْتَبَهَتْ الْأَشْهُرُ عَلَى أَسِيرٍ أَوْ مَطْمُورٍ أَوْ مَنْ بِمَفَازَةٍ وَنَحْوِهِمْ) كَمَنْ بِدَارِ حَرْبٍ (تَحَرَّى) أَيْ اجْتَهَدَ فِي مَعْرِفَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ (وُجُوبًا) ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ تَأْدِيَةُ فَرْضِهِ بِالِاجْتِهَادِ، فَلَزِمَهُ كَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ.
(وَصَامَ) الَّذِي ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ رَمَضَانُ (فَإِنْ وَافَقَ) ذَلِكَ (الشَّهْرَ) أَيْ: شَهْرَ رَمَضَانَ (أَجْزَأَهُ وَكَذَا) إنْ وَافَقَ (مَا بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ رَمَضَانَ كَذِي الْقِعْدَةِ أَوْ مُحَرَّمٍ وَنَحْوِهِ كَالصَّلَاةِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) الشَّهْرُ الَّذِي صَامَهُ (رَمَضَانَ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ، فَإِنْ كَانَ فَلَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) لِاعْتِبَارِ نِيَّةِ التَّعْيِينِ، (وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الشَّهْرَ الَّذِي صَامَهُ) يَظُنُّهُ رَمَضَانَ (نَاقِصٌ، وَرَمَضَانَ) الَّذِي فَاتَهُ (تَمَامٌ لَزِمَهُ قَضَاءُ النَّقْصِ) ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِعَدَدِ الْمَتْرُوكِ بِخِلَافِ مَنْ نَذَرَ شَهْرًا وَأَطْلَقَ؛ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا تَنَاوَلَهُ الِاسْمُ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ (فِي حُكْمِ الْقَضَاءِ وَيَقْضِي يَوْمَ عِيدٍ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ) يَعْنِي لَوْ صَامَ ذَا الْحِجَّةِ بِاجْتِهَادِهِ أَنَّهُ رَمَضَانُ لَزِمَهُ قَضَاءُ يَوْمِ الْعِيدِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِعَدَمِ صِحَّةِ صَوْمِهَا.
(وَإِنْ وَافَقَ) صَوْمُهُ شَهْرًا (قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ رَمَضَانَ كَشَعْبَانَ (لَمْ يُجْزِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْعِبَادَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا فَلَمْ يُجْزِهِ كَالصَّلَاةِ فَلَوْ وَافَقَ بَعْضُهُ رَمَضَانَ فَمَا وَافَقَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ دُونَ مَا قَبْلَهُ، (وَإِنْ تَحَرَّى وَشَكَّ: هَلْ وَقَعَ) الشَّهْرُ الَّذِي صَامَهُ (قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ رَمَضَانَ (أَوْ بَعْدَهُ؟ أَجْزَاهُ) لِتَأْدِيَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute