عَوْدُهُ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ قَالَهُ الشِّهَابُ الْفَتُوحِيُّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِحَدَثِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ لِتَلَاعُبِهِ (أَوْ) نَوَى اسْتِبَاحَةَ (صَلَاةٍ بِعَيْنِهَا لَا يَسْتَبِيحُ غَيْرَهَا ارْتَفَعَ حَدَثُهُ) وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ (وَلَغَا تَخْصِيصَهُ) لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ رَفْعِ الْحَدَثِ اسْتِبَاحَةُ جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ (وَيُسَنُّ التَّجْدِيدُ إنْ صَلَّى بَيْنَهُمَا) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا (فَلَا) يُسَنُّ التَّجْدِيدُ فَلَوْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُصَلِّ وَأَحْدَثَ فَنَسِيَ حَدَثَهُ وَنَوَى التَّجْدِيدَ وَتَوَضَّأَ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ طَهَارَةً شَرْعِيَّةً (وَيُسَنُّ) التَّجْدِيدُ (لِكُلِّ صَلَاةٍ) أَرَادَهَا وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ نَفْلًا.
وَ (لَا) يُسَنُّ (تَجْدِيدُ) (تَيَمُّمٍ وَغُسْلٍ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ.
(وَإِنْ نَوَى غُسْلًا مَسْنُونًا) كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ (أَجْزَأَ عَنْ) الْغُسْلِ (الْوَاجِبِ) لِجَنَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، إنْ كَانَ نَاسِيًا لِلْحَدَثِ الَّذِي أَوْجَبَهُ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ: وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمَا فِيمَا سَبَقَ أَوْ نَوَى التَّجْدِيدَ نَاسِيًا حَدَثَهُ، خُصُوصًا وَقَدْ جَعَلُوا تِلْكَ أَصْلًا لِهَذِهِ فَقَاسُوهَا عَلَيْهَا (وَكَذَا عَكْسُهُ) .
فَإِنْ نَوَى غُسْلًا وَاجِبًا أَجْزَأَ عَنْ الْمَسْنُونِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَإِنْ نَوَاهُمَا) أَيْ الْوَاجِبَ وَالْمَسْنُونَ (حَصَلَا) أَيْ حَصَلَ لَهُ ثَوَابُهُمَا وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا لَيْسَ فِيهِمَا إلَّا ثَوَابُ مَا نَوَاهُ، وَإِنْ أَجْزَأَ عَنْ الْآخَرِ لِحَدِيثِ «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» وَلَيْسَ مَعْنَى الْإِجْزَاءِ هُنَا سُقُوطَ الطَّلَبِ: بِدَلِيلِ سُقُوطِهِ (وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ لِلْوَاجِبِ غُسْلًا ثُمَّ لِلْمَسْنُونِ غُسْلًا آخَرَ) لِأَنَّهُ أَكْمَلُ.
(وَإِنْ نَوَى طَهَارَةً مُطْلَقَةً) بِأَنْ نَوَى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ لَا لِرَفْعِ حَدَثٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ نَحْوِهَا لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ لِعَدَمِ نِيَّتِهِ لَهُ.
(أَوْ) نَوَى (وُضُوءًا مُطْلَقًا) لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ الْوَضَاءَةِ وَهِيَ النَّظَافَةُ تَارَةً يَكُونُ عَادَةً وَتَارَةً يَكُونُ عِبَادَةً فَلَا بُدَّ مَنْ تَمْيِيزِهِ بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا.
(أَوْ) نَوَى (الْغُسْلَ وَحْدَهُ) أَيْ نَوَى الْغُسْلَ وَأَطْلَقَ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ لَا الْأَصْغَرُ وَلَا الْأَكْبَرُ قَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ: لَا خِلَافَ أَنَّ الْجُنُبَ إذَا نَوَى الْغُسْلَ وَحْدَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ عِبَادَةً وَتَارَةً يَكُونُ غَيْرَ عِبَادَةٍ فَلَا يَرْتَفِعُ حُكْمُ الْجَنَابَةِ انْتَهَى.
وَكَذَا إنْ نَوَى الْغُسْلَ لِلْجَنَابَةِ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ الْأَصْغَرُ إلَّا إنْ نَوَاهُ وَيَأْتِي فِي الْغُسْلِ.
(أَوْ) نَوَى الْغُسْلَ (لِمُرُورِهِ فِي الْمَسْجِدِ لَمْ يَرْتَفِعْ) حَدَثُهُ؛ لِأَنَّ الْمُرُورَ فِيهِ لَا تُشْرَعُ لَهُ الطَّهَارَةُ أَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَى بِطَهَارَتِهِ لُبْسَ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى إنْ نَوَى الْجُنُبُ الْغُسْلَ الْوَاجِبَ لِمُرُورِهِ فِي الْمَسْجِدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute