الْفَجْرِ ثُمَّ أَمَرَ بِالْإِمْسَاكِ عَنْهُمَا إلَى اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ مَا بَعْدَ الْغَايَةِ مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهَا وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، إنَّهُ تَرَكَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.
(أَوْ اسْتَعَطَ) فِي أَنْفِهِ (بِدُهْنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَوَصَلَ إلَى حَلْقِهِ أَوْ دِمَاغِهِ) .
وَفِي الْكَافِي: أَوْ خَيَاشِيمِهِ فَسَدَ صَوْمُهُ «لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّائِمَ عَنْ الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ» ؛ وَلِأَنَّ الدِّمَاغَ جَوْفٌ وَالْوَاصِلُ إلَيْهِ يُغَذِّيهِ فَيُفْطِرُ كَجَوْفِ الْبَدَنِ.
(أَوْ احْتَقَنَ) فِي دُبُرِهِ فَسَدَ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ؛ وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُعْتَادِ كَالْمُعْتَادِ فِي الْوَاصِلِ وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ وَأَوْلَى مِنْ الِاسْتِعَاطِ (أَوْ دَاوَى الْجَائِفَةَ أَوْ جُرْحًا بِمَا يَصِلُ إلَى جَوْفِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَلَ إلَى جَوْفِهِ شَيْئًا بِاخْتِيَارِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَكَلَ (أَوْ اكْتَحَلَ بِكُحْلٍ أَوْ صَبِرٍ أَوْ قُطُورٍ أَوْ ذَرُورٍ أَوْ إثْمِدٍ وَلَوْ غَيْرُ مُطَيَّبٍ يَتَحَقَّقُ مَعَهُ وُصُولُهُ إلَى حَلْقِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ، وَقَالَ: لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ هَوْذَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ضَعِيفٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ؛ وَلِأَنَّ الْعَيْنَ مَنْفَذٌ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ وَكَالْوَاصِلِ مِنْ الْأَنْفِ.
(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ وُصُولُهُ إلَى حَلْقِهِ (فَلَا) فِطْرَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ مَا يُنَافِي الصَّوْمَ (أَوْ اسْتَقَاءَ) أَيْ: اسْتَدْعَى الْقَيْءَ (فَقَاءَ طَعَامًا أَوْ مِرَارًا أَوْ بَلْغَمًا أَوْ دَمًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ قَلَّ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَرْفُوعِ: «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ: إسْنَادُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ (أَوْ أَدْخَلَ إلَى جَوْفِهِ أَوْ مُجَوَّفٍ فِي جَسَدِهِ كَدِمَاغِهِ وَحَلْقِهِ وَبَاطِنِ فَرْجِهَا، وَتَقَدَّمَ فِي) بَابِ (الِاسْتِطَابَةِ إذَا أَدْخَلَتْ أُصْبُعَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ) أَيْ: نَحْوُ الدِّمَاغِ وَالْحَلْقِ وَبَاطِنِ فَرْجِهَا كَالدُّبُرِ (مِمَّا يُنْفِذُ إلَى مَعِدَتِهِ شَيْئًا مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ وَلَوْ خَيْطًا ابْتَلَعَهُ كُلَّهُ أَوْ) ابْتَلَعَ (بَعْضَهُ أَوْ رَأْسَ سِكِّينٍ مِنْ فِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ) فَغَابَ فِي جَوْفِهِ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَيُعْتَبَرُ الْعِلْمُ بِالْوَاصِلِ.
وَجَزَمَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: بِأَنَّهُ يَكْفِي الظَّنُّ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يُفْطِرُ بِمُدَاوَاةِ جَائِفَةٍ وَمَأْمُومَةٍ وَلَا بِحُقْنَةٍ (أَوْ دَاوَى الْمَأْمُومَةَ) فَوَصَلَ إلَى دِمَاغِهِ (أَوْ قَطَرَ فِي أُذُنِهِ مِمَّا يَصِلُ إلَى دِمَاغِهِ) ؛ لِأَنَّ الدِّمَاغَ أَحَدُ الْجَوْفَيْنِ فَالْوَاصِلُ إلَيْهِ يُغَذِّيهِ فَأَفْسَدَ الصَّوْمَ كَالْآخَرِ (أَوْ اسْتَمْنَى) أَيْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute