للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ كُتُبِ غُلَامِهِ أَبِي حَكِيمٍ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ فَهُوَ مَنْسُوخٌ بِدَلِيلِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ رَاوِيهِ كَانَ يُعِدُّ الْحَجَّامَ وَالْمَحَاجِمَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ فَإِذَا غَابَتْ احْتَجَمَ كَذَلِكَ رَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِعُذْرٍ لِمَا رَوَى أَبُو بَكْرٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «احْتَجَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ شَيْءٍ كَانَ وَجَدَهُ» وَأَحَادِيثُنَا أَكْثَرُ وَاعْتَضَدَتْ بِعَمَلِ الصَّحَابَةِ وَهِيَ قَوْلٌ وَحَدِيثُهُمْ فِعْلٌ، وَالْقَوْلُ مُقَدَّمٌ لِعَدَمِ عُمُومِ الْفِعْلِ وَاحْتِمَالِ أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ وَنَسْخُ حَدِيثِهِمْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِحُكْمِ الْأَصْلِ فَنَسْخُهُ يَلْزَمُ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْأَصْلِ مَرَّةً وَاحِدَةً بِخِلَافِ نَسْخِ حَدِيثِنَا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مُخَالَفَةُ الْأَصْلِ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ دَمٌ فَلَا فِطْرَ.

وَ (لَا) فِطْرَ (إنْ جَرَحَ) الصَّائِمُ (نَفْسَهُ أَوْ جَرَحَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يَصِلْ إلَى جَوْفِهِ) شَيْءٌ مِنْ آلَةِ الْجَرْحِ (وَلَوْ) كَانَ الْجَرْحُ (بَدَلَ الْحِجَامَةِ) .

(وَلَا) فِطْرَ (بِفَصْدٍ وَشَرْطٍ وَلَا بِإِخْرَاجِ دَمِهِ بِرُعَافٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ وَالْقِيَاسُ لَا يَقْتَضِيهِ (أَيْ: ذَلِكَ) الْمَذْكُورُ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِمَا.

(فِعْلُ) الصَّائِمِ (عَامِدًا) أَيْ: قَاصِدًا لِلْفِعْلِ (ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ مُخْتَارًا) لِفِعْلِهِ (فَسَدَ صَوْمُهُ وَلَوْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ، (فَلَا يُفْطِرُ غَيْرُ قَاصِدٍ الْفِعْلَ كَمَنْ طَارَ إلَى حَلْقِهِ غُبَارٌ وَنَحْوُهُ) كَذُبَابٍ (أَوْ أُلْقِيَ فِي مَاءٍ فَوَصَلَ إلَى جَوْفِهِ وَنَحْوِهِ) ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْقَاصِدِ غَافِلٌ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَإِلَّا لَزِمَ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ.

(وَلَا) يُفْطِرُ (نَاسٍ) لِفِعْلِ شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ؛ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (فَرْضًا كَانَ الصَّوْمُ أَوْ نَفْلًا) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ.

(وَلَا) يُفْطِرُ (مُكْرَهٌ سَوَاءٌ أُكْرِهَ عَلَى الْفِعْلِ) أَيْ: الْأَكْلِ وَنَحْوِهِ (حَتَّى فَعَلَ) مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ (أَوْ فُعِلَ بِهِ بِأَنْ صُبَّ فِي حَلْقِهِ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا كَمَا لَوْ أُوجِرَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ مُعَالَجَةً) لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ ".

(وَيُفْطِرُ) الصَّائِمُ (بِرِدَّةٍ) مُطْلَقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: ٦٥] وَكَذَلِكَ كُلُّ عِبَادَةٍ حَصَلَتْ الرِّدَّةُ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنَّهَا تُفْسِدُهَا (وَ) يُفْطِرُ بِ (مَوْتٍ فَيُطْعَمُ مِنْ تَرِكَتِهِ فِي نَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ) مِسْكِينٌ لِفَسَادِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ لِتَعَذُّرِ قَضَائِهِ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِي حُكْمِ الْقَضَاءِ.

(وَإِنْ دَخَلَ حَلْقَهُ ذُبَابٌ أَوْ غُبَارُ طَرِيقٍ أَوْ) غُبَارُ (دَقِيقٍ أَوْ دُخَانٌ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>