أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَكَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسً بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
(وَإِنْ ظَنَّ الْإِنْزَالَ) مَعَ الْقُبْلَةِ لِفَرْطِ شَهْوَتِهِ (حَرُمَ) بِغَيْرِ خِلَافٍ، ذَكَرَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ (وَلَا تُكْرَهُ) الْقُبْلَةُ (مِمَّنْ لَا تُحَرَّكُ شَهْوَتُهُ) لِمَا سَبَقَ (وَكَذَا دَوَاعِي الْوَطْءِ كُلُّهَا) مِنْ اللَّمْسِ وَتَكْرَارِ النَّظَرِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْقُبْلَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ.
(وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ) أَيْ: الصَّائِمُ (بَقِيَّةَ طَعَامٍ بَيْنَ أَسْنَانِهِ) خَشْيَةَ أَنْ يَجْرِيَ رِيقُهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ إلَى جَوْفِهِ.
(وَ) يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ (شَمُّ مَا لَا يَأْمَنُ أَنْ يَجْذِبَهُ نَفَسُهُ إلَى حَلْقِهِ كَسَحِيقِ مِسْكٍ وَكَافُورٍ وَدُهْنٍ وَنَحْوِهَا) كَبَخُورِ عُودٍ وَعَنْبَرٍ.
(وَيَجِبُ اجْتِنَابُ كَذِبٍ وَغِيبَةٍ وَنَمِيمَةٍ وَشَتْمٍ) أَيْ: سَبٍّ (وَفُحْشٍ) قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: هُوَ كُلُّ مَا اشْتَدَّ قُبْحُهُ مِنْ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي (وَنَحْوُهُ كُلَّ وَقْتٍ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَوُجُوبِ اجْتِنَابِ ذَلِكَ (فِي رَمَضَانَ وَمَكَانٍ فَاضِلٍ آكِدٌ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَمَعْنَاهُ: الزَّجْرُ وَالتَّحْذِيرُ؛ وَلِأَنَّ الْحَسَنَاتِ تَتَضَاعَفُ بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ الْفَاضِلَيْنِ، وَكَذَا السَّيِّئَاتُ عَلَى مَا يَأْتِي.
(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ يَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يَتَعَاهَدَ صَوْمَهُ مِنْ لِسَانِهِ وَلَا يُمَارِي) أَيْ: يُجَادِلَ (وَيَصُونُ صَوْمَهُ وَلَا يَغْتَبْ أَحَدًا) أَيْ: يَذْكُرُهُ بِمَا يَكْرَهُ بِهَذَا فَسَّرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فَهُوَ الْغِيبَةُ فِي بَهْتٍ قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: وَالْغِيبَةُ مُحَرَّمَةٌ بِالْإِجْمَاعِ.
وَتُبَاحُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ إلَّا بِهَا كَالتَّظَلُّمِ وَالِاسْتِفْتَاءِ وَالِاسْتِعَانَةِ عَلَى تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ وَالتَّعْرِيفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَلَا يَعْمَلُ عَمَلًا يَجْرَحُ بِهِ صَوْمَهُ) وَكَانَ السَّلَفُ إذَا صَامُوا جَلَسُوا فِي الْمَسَاجِدِ وَقَالُوا: نَحْفَظُ صَوْمَنَا وَلَا نَغْتَابُ أَحَدًا (فَيَجِبُ كَفُّ لِسَانِهِ عَمَّا يَحْرُمُ) كَالْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَنَحْوِهِمَا، (وَيُسَنُّ) كَفُّهُ (عَمَّا يُكْرَهُ) قُلْت: وَعَنْ الْمُبَاحِ أَيْضًا لِحَدِيثِ: «مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» (وَلَا يُفْطِرُ بِغِيبَةٍ وَنَحْوِهَا) .
قَالَ أَحْمَدُ: لَوْ كَانَتْ الْغِيبَةُ تُفْطِرُ مَا كَانَ لَنَا صَوْمٌ وَذَكَرَهُ الْمُوَفَّقُ إجْمَاعًا، ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجْهًا يُفْطِرُ بِغِيبَةٍ وَنَمِيمَة وَنَحْوِهِمَا، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ احْتِمَالٌ يُفْطِرُ بِكُلِّ مُحَرَّمٍ، وَقَالَ أَنَسٌ: " إذَا اغْتَابَ الصَّائِمُ أَفْطَرَ " وَعَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: " كَانُوا يَقُولُونَ: الْكَذِبُ يُفَطِّرُ الصَّائِمَ " وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ مَنْ شَاتَمَ فَسَدَ صَوْمُهُ لِظَاهِرِ النَّهْيِ "، وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا رِوَايَةً يُفْطِرُ بِسَمَاعِ الْغِيبَةِ وَقَالَ الْمَجْدُ: النَّهْيُ عَنْهُ لِيَسْلَمَ مِنْ نَقْصِ الْأَجْرِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمُرَادُهُ: أَنَّهُ قَدْ يَكْثُرُ فَيَزِيدُ عَلَى أَجْرِ الصَّوْمِ وَقَدْ يَقِلُّ وَقَدْ يَتَسَاوَيَانِ.
وَأَسْقَطَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute