فِي الْحَيَاةِ فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ كَالصَّلَاةِ.
(وَالْإِطْعَامِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ أَوْصَى بِهِ أَوْ لَا) كَسَائِرِ الدُّيُونِ (وَلَا يُجْزِئُ صَوْمٌ عَنْ كَفَّارَةٍ عَنْ مَيِّتٍ وَلَوْ أَوْصَى بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالشَّرْعِ أَشْبَهَ قَضَاءَ رَمَضَانَ، (لَكِنْ لَوْ مَاتَ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى صَوْمِ الْكَفَّارَةِ (وَقُلْنَا: الِاعْتِبَارُ بِحَالَةِ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ) كَمَا يَأْتِي تَوْضِيحُهُ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ (أُطْعِمَ عَنْهُ ثَلَاثَةُ مَسَاكِينَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ) فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ قِيَاسًا عَلَى قَضَاءِ رَمَضَانَ.
(وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرٍ) أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ (مِنْ كَفَّارَةِ) ظِهَارٍ أَوْ غَيْرِهِ (أُطْعِمَ عَنْهُ أَيْضًا) لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ لِمَا سَبَقَ، (وَكَذَا صَوْمُ مُتْعَةِ) الْحَجِّ إذَا مَاتَ قَبْلَهُ.
(وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ مَنْذُورٌ فِي الذِّمَّةِ) كَأَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ عَشَرَةٍ مُطْلَقَةٍ ثُمَّ مَاتَ (وَلَمْ يَصُمْ مِنْهُ شَيْئًا مَعَ إمْكَانِهِ فَفُعِلَ عَنْهُ أَجْزَأَ عَنْهُ) ؛ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ» ؛ وَلِأَنَّ النِّيَابَةَ تَدْخُلُ فِي الْعِبَادَةِ بِحَسَبِ خِفَّتِهَا وَهُوَ أَخَفُّ حُكْمًا مِنْ الْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ لِإِيجَابِهِ مِنْ نَفْسِهِ، (فَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ) الْمَيِّتُ (تَرِكَةً لَمْ يَلْزَمْ الْوَلِيَّ شَيْءٌ، لَكِنْ يُسَنُّ لَهُ فِعْلُهُ عَنْهُ لِتَفَرُّغِ ذِمَّتِهِ كَقَضَاءِ دَيْنِهِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَّهَهُ بِالدَّيْنِ.
(وَإِنْ خَلَّفَ) الْمَيِّتَ (تَرِكَةً وَجَبَ) الْفِعْلُ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ (فَيَفْعَلُهُ الْوَلِيُّ بِنَفْسِهِ اسْتِحْبَابًا) ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِبَرَاءَةِ الْمَيِّتِ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) الْوَلِيُّ بِنَفْسِهِ (وَجَبَ أَنْ يَدْفَعَ مِنْ تَرِكَتِهِ إلَى مَنْ يَصُومُ عَنْهُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ طَعَامَ مِسْكِينٍ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِدْيَةُ الصَّوْمِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَيُجْزِئُ فِعْلُ غَيْرِهِ) أَيْ: الْوَلِيِّ (عَنْهُ بِإِذْنِهِ وَبِدُونِهِ) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَّهَهُ بِالدَّيْنِ، وَالدَّيْنُ يَصِحُّ قَضَاؤُهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ صَوْمِ النَّذْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ النُّذُورِ.
(وَإِنْ مَاتَ وَقَدْ أَمْكَنَهُ صَوْمُ بَعْضِ مَا نَذَرَهُ قُضِيَ عَنْهُ مَا أَمْكَنَهُ صَوْمُهُ فَقَطْ) كَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ وَمَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَيُصَامُ عَنْهُ مَا مَضَى مِنْهُ دُونَ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ الْمِقْدَارِ الَّذِي أَدْرَكَهُ حَيًّا، فَإِنَّهُ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ لَا يُنَافِي ثُبُوتَ الصَّوْم فِي الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ قَضَاءِ رَمَضَانَ مَعَ الْمَرَضِ وَنَحْوِهِ.
(وَيُجْزِئُ صَوْمُ جَمَاعَةٍ عَنْهُ) أَيْ: الْمَيِّتِ (فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ عَنْ عِدَّتِهِمْ مِنْ الْأَيَّامِ) أَيْ: لَوْ كَانَ عَلَى مَيِّتٍ صَوْمُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَصَامَ عَنْهُ عَشَرَةُ رِجَالٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِهِ مَعَ نِجَازِ إبْرَاءِ ذِمَّتِهِ، وَنَقَلَ عَنْهُ أَبُو طَالِبٍ يَصُومُ وَاحِدٌ وَحَمَلَهُ الْمَجْدُ عَلَى صَوْمٍ شَرْطُهُ التَّتَابُعُ، وَتَعْلِيلُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ كَالْحُجَّةِ الْمَنْذُورَةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.
(وَإِنْ نَذَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute