للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هِيَ فِي كُلِّ السَّنَةِ (وَلَيَالِي الْوِتْرِ آكَدُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اُطْلُبُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي ثَلَاثٍ بَقِينَ أَوْ تِسْعٍ بَقِينَ» وَرَوَى سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ عَلَى أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي الْوِتْرِ فَالْتَمِسُوهَا فِي الْوِتْرِ مِنْهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ الْمَجْدُ كُلَّ الْعَشْرِ سَوَاءً وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهَا أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ (كَثِيرَةٌ وَأَرْجَاهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ نَصًّا) وَهُوَ قَوْلُ طَرَفَةَ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَسْتَثْنِي وَابْنِ عَبَّاسٍ وَزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ طَرَفَةَ بْنُ كَعْبٍ: " وَاَللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ وَأَنَّهَا فِي لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يُخْبِرَكُمْ فَتَتَّكِلُوا " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

وَعَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَيُرَجِّحُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ الْقَدْرِ ثَلَاثُونَ كَلِمَةً، السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ فِيهَا هِيَ " وَالْحِكْمَةُ فِي إخْفَائِهَا لِيَجْتَهِدُوا فِي طَلَبِهَا وَيَجِدُّوا فِي الْعِبَادَةِ طَمَعًا فِي إدْرَاكِهَا كَمَا أَخْفَى سَاعَةَ الْإِجَابَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاسْمَهُ الْأَعْظَمَ فِي أَسْمَائِهِ وَرِضَاهُ فِي الْحَسَنَاتِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

(وَهِيَ أَفْضَلُ اللَّيَالِي) ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ إجْمَاعًا (حَتَّى لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ) وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً: أَنَّ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهَا تَتَكَرَّرُ، وَلِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِمَا هُوَ أَفْضَلُ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِي أُنْزِلَ فِيهَا الْقُرْآنُ أَفْضَلُ مِنْ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ فَأَمَّا أَمْثَالُهَا مِنْ لَيَالِي الْقَدْرِ فَلَيْلَةُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ.

(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنَامَ فِيهَا مُتَرَبِّعًا مُسْتَنِدًا إلَى شَيْءٍ نَصًّا وَيَذْكُرُ حَاجَتَهُ فِي دُعَائِهِ) الَّذِي يَدْعُو بِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ (وَيُسْتَحَبُّ) أَنْ يَكُونَ مِنْهُ أَيْ: مِنْ دُعَائِهِ فِيهَا (مَا رَوَتْ) أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهَا قَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ وَافَقْتُهَا فَبِمَ أَدْعُو؟ قَالَ قَوْلِي: اللَّهُمَّ إنَّك عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَلِلتِّرْمِذِيِّ مَعْنَاهُ وَصَحَّحَهُ، وَمَعْنَى الْعَفْوِ التَّرْكُ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى السَّتْرِ وَالتَّغْطِيَةِ فَمَعْنَى " اُعْفُ عَنِّي اُتْرُكْ مُؤَاخَذَتِي بِحِرْصٍ وَاسْتُرْ عَلَيَّ ذَنْبِي وَأَذْهِبْ عَنِّي عِقَابَك وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَالْمُعَافَاةَ فَمَا أُوتِيَ أَحَدٌ بَعْدَ يَقِينٍ خَيْرًا مِنْ مُعَافَاةٍ» فَالشَّرُّ الْمَاضِي يَزُولُ بِالْعَفْوِ، وَالْحَاضِرُ بِالْعَافِيَةِ وَالْمُسْتَقْبَلُ بِالْمُعَافَاةِ، لِتَضَمُّنِهَا دَوَامَ الْعَافِيَةِ.

(وَتَتَنَقَّلُ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ لَا أَنَّهَا لَيْلَةٌ مُعَيَّنَةٌ وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إنْ كَانَ قَبْلَ مُضِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>