فَقَالَ: إنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ وَلَا الظَّعْنَ قَالَ: حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَلِأَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى إحْرَامٍ وَطَوَافٍ وَسَعْيٍ فَكَانَتْ وَاجِبَةً كَالْحَجِّ، وَأَمَّا بَعْضُ الْأَحَادِيثِ الْمَسْكُوتِ فِيهَا عَنْهَا فَلِأَنَّ اسْمَ الْحَجِّ يَتَنَاوَلُهَا، رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
وَفِي كِتَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ «إنَّ الْعُمْرَةَ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا «الْحَجُّ جِهَادٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، (وَنَصُّهُ: لَا) تَجِبُ عَلَى الْمَكِّيِّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَنَصُّ مَا فِي الْمُغْنِي: أَنَّ رُكْنَ الْعُمْرَةِ وَمُعْظَمَهَا: الطَّوَافُ قَالَ أَحْمَدُ: " كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَى الْعُمْرَةَ وَاجِبَةً وَيَقُولُ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ لَيْسَ عَلَيْكُمْ عُمْرَةٌ إنَّمَا عُمْرَتُكُمْ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ " وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ الْمَكِّيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَتَأَوَّلَهَا الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ نَفَى عَنْهُمْ دَمَ التَّمَتُّعِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ اهـ.
وَفِي الشَّرْحِ: وَحَمَلَ الْقَاضِي كَلَامَ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّهُ لَا عُمْرَةَ عَلَيْهِمْ مَعَ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ يَتَقَدَّمُ مِنْهُمْ فِعْلُهَا فِي غَيْرِ وَقْتِ الْحَجِّ وَأَجَابَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ عَمَّا تَقَدَّمَ: بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَطُفْ، وَمَنْ طَافَ يَجِبُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ عَنْهَا كَالْآفَاقِيِّ.
(وَيَجِبَانِ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً) لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «يَأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ فَحُجُّوا فَقَالَ رَجُلٌ أَكُلُّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا: فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، فَقَالَ: أَفِي كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَعْمَلُوا بِهَا وَلَمْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا، الْحَجُّ مَرَّةٌ، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ بِمَعْنَاهُ (عَلَى الْفَوْرِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَصَّ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَأْثَمُ إنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ لِلْفَوْرِ وَيُؤَيِّدُهُ: خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا قَالَ: «تَعَجَّلُوا إلَى الْحَجِّ يَعْنِي الْفَرِيضَةَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِط يَرْفَعُهُ قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَمْنَعْهُ مَرَضٌ حَابِسٌ وَلَا سُلْطَانٌ جَائِرٌ أَوَحَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ فَلْيَمُتْ عَلَى أَيِّ حَالٍ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute