لِلْوُجُوبِ وَالْإِجْزَاءِ فَقَطْ (فَلَا يَجِبُ) الْحَجُّ وَلَا الْعُمْرَةُ (عَلَى الصَّغِيرِ) لِلْخَبَرِ؛ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ (وَلَا عَلَى قِنٍّ) ؛ لِأَنَّ مُدَّتَهُمَا تَطُولُ فَلَمْ يَجِبَا عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ السَّيِّدِ كَالْجِهَادِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الشَّهَادَةُ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَكَذَا مُكَاتَبٌ وَمُدَبَّرٌ وَأُمُّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٌ بَعْضُهُ) وَمُعَلَّقٌ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، (وَيَصِحُّ) الْحَجُّ (مِنْهُمْ) كَالْعُمْرَةِ أَيْ: مِنْ الصَّغِيرِ وَالْقِنِّ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقِ بَعْضُهُ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ امْرَأَةً رَفَعَتْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَبِيًّا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَالْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ فَصَحَّا مِنْهُ كَالْحُرِّ، (وَلَا يُجْزِئُ) حَجُّهُمْ (عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى، وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثُمَّ عَتَقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ: لَمْ يَرْفَعْهُ إلَّا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ شُعْبَةَ وَهُوَ ثِقَةٌ؛ وَلِأَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ قَبْلَ وُجُوبِهِ فَلَمْ يُجْزِئْهُمْ إذَا صَارُوا مِنْ أَهْلِهِ كَالصَّبِيِّ يُصَلِّي ثُمَّ يَبْلُغُ فِي الْوَقْتِ وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ إلَّا شُذُوذًا، بَلْ حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا (إلَّا أَنْ يُسْلِمَ) الْكَافِرُ (أَوْ يُفِيقَ) الْمَجْنُونُ ثُمَّ يُحْرِمُ قَبْلَ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ، أَوْ بَعْدَهُ إنْ عَادَ فَوَقَفَ فِي وَقْتِهِ ثُمَّ أَتَمَّ حَجَّهُ (أَوْ يَبْلُغُ) الصَّغِيرُ (أَوْ يُعْتَقُ) الْقِنُّ أَوْ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْمُدَبَّرُ أَوْ أُمُّ الْوَلَدِ (فِي الْحَجِّ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ عَرَفَةَ أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ (قَبْلَ فَوَاتِ وَقْتِهِ) أَيْ: الْوُقُوفِ (إنْ عَادَ فَوَقَفَ) فِي وَقْتِهِ؛ لِأَنَّهُمَا أَتَيَا بِالنُّسُكِ حَالَ الْكَمَالِ فَأَجْزَأَهُمَا كَمَا لَوْ وُجِدَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَاسْتَدَلَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: " إذَا عَتَقَ الْعَبْدُ بِعَرَفَةَ أَجْزَأَتْ عَنْهُ حَجَّتُهُ وَإِنْ عَتَقَ بِجَمْعٍ أَيْ: مُزْدَلِفَةَ لَمْ تُجْزِ عَنْهُ.
(وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْقِنَّ إذَا عَتَقَ بَعْدَ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ فَوَاتِ وَقْتِهِ (الْعَوْدُ) إلَى عَرَفَةَ فِي وَقْتِ الْوُقُوفِ (إنْ أَمْكَنَهُ) الْعَوْدُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَ) تُجْزِئُ عُمْرَتُهُمْ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ أَوْ يُفِيقَ أَوْ يَبْلُغَ أَوْ يُعْتَقَ (فِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ طَوَافِهَا) أَيْ الشُّرُوعِ فِيهِ (فَيُجْزِئُهُمْ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(قَالَ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ فِي إحْرَامِ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ: إنَّمَا يُعْتَدُّ بِإِحْرَامٍ وَوُقُوفٍ مَوْجُودَيْنِ إذَنْ) أَيْ: حِينَ الْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ، (وَمَا قَبْلَهُ) مِنْ الْإِحْرَامِ وَالْوُقُوفِ (تَطَوُّعٌ لَمْ يَنْقَلِبْ فَرْضًا) وَلَا اعْتِدَادَ بِهِ وَقَدَّمَهُ فِي التَّنْقِيحِ وَالْمُنْتَهَى.
(وَقَالَ الْمَجْدُ وَجَمْعٌ) مِنْهُمْ صَاحِبُ الْخِلَافِ وَالِانْتِصَارِ (يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ مَوْقُوفًا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute