للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ لِحُرْمَتِهَا، لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ سَبَبٍ مُبَاحٍ نِسَاءُ النَّبِيِّ؛ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُنَّ مُحَرَّمَاتٌ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَلَسْنَا مَحَارِمُ لَهُنَّ إلَّا مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ نَسَبٌ أَوْ رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ أَوْ مُصَاهَرَةٌ كَذَلِكَ، وَحُكْمُهُنَّ وَإِنْ كَانَ انْقَطَعَ بِمَوْتِهِنَّ، لَكِنْ قُصِدَ بَيَانُ خُصُوصِيَّتِهِنَّ وَفَضِيلَتِهِنَّ.

(وَخَرَجَ بِهِ) أَيْ: بِقَوْلِهِ: مُبَاحٌ (أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا وَبِنْتُهَا) أَيْ بِنْتُ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا فَلَيْسَ الْوَاطِئُ لَهُنَّ مَحْرَمًا لِعَدَمِ إبَاحَةِ السَّبَبِ، (وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لِحُرْمَتِهَا: الْمُلَاعَنَةُ فَإِنَّ تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَلَاعِنِ (عُقُوبَةً وَتَغْلِيظًا لِحُرْمَتِهَا) فَلَا يَكُونُ الْمَلَاعِنُ مَحْرَمًا لَهَا (إذَا كَانَ ذَكَرًا) .

فَأُمُّ الْمَرْأَةِ وَبِنْتُهَا: لَيْسَتْ مَحْرَمًا لَهَا (بَالِغًا عَاقِلًا مُسْلِمًا) فَمَنْ دُونَ بُلُوغٍ وَالْمَجْنُونُ وَالْكَافِرُ لَيْسَ مَحْرَمًا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ مِنْ الْحِفْظِ، وَالْكَافِرُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا كَالْحَضَانَةِ وَكَالْمَجُوسِيِّ لِاعْتِقَادِهِ حِلَّهَا وَلَا تُعْتَبَرُ الْحُرِّيَّةُ فَلِهَذَا قَالَ:

(وَلَوْ عَبْدًا) وَهُوَ أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ وَلَدِ زَوْجِهَا أَوْ أَبُوهُ وَنَحْوِهِ (وَنَفَقَتُهُ) أَيْ: الْمَحْرَمِ إذَا سَافَرَ مَعَهَا (عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ سَبِيلِهَا (وَلَوْ كَانَ مَحْرَمُهَا زَوْجَهَا) فَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ بِقَدْرِ نَفَقَةِ الْحَضَرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَا زَادَ فَعَلَيْهَا (فَيُعْتَبَرُ أَنْ تَمْلِكَ زَادًا أَوْ رَاحِلَةً لَهُمَا) أَيْ: لَهَا وَلِمَحْرَمِهَا صَالِحَيْنِ لِمِثْلِهِمَا.

(وَلَوْ بَذَلَتْ النَّفَقَةَ) لِمَحْرَمِهَا (لَمْ يَلْزَمْهُ السَّفَرُ مَعَهَا) لِلْمَشَقَّةِ كَحَجَّةٍ عَنْ مَرِيضَةٍ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ الزَّوْجُ بِأَنْ يُسَافِرَ مَعَ زَوْجَتِهِ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ أَمْرٌ بَعْدَ حَظْرٍ أَوْ أَمْرُ تَخْيِيرٍ، وَعُلِمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يُعْجِبُهُ أَنْ يُسَافِرَ مَعَهَا (وَكَانَتْ) مَنْ امْتَنَعَ مَحْرَمُهَا مِنْ السَّفَرِ مَعَهَا (كَمَنْ لَا مَحْرَمَ لَهَا) عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ (وَلَيْسَ الْعَبْدُ مَحْرَمًا لِسَيِّدَتِهِ) نَصًّا (مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مَالِكَةً لَهُ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «سَفَرُ الْمَرْأَةِ مَعَ عَبْدِهَا ضَيْعَةٌ» ؛ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَيْهَا، وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا.

(وَلَوْ جَازَ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا) ؛ لِأَنَّهُ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ (فَلَوْ حَجَّتْ) الْمَرْأَةُ (بِغَيْرِ مَحْرَمٍ حَرُمَ) عَلَيْهَا ذَلِكَ (وَأَجْزَأَ) هَا الْحَجُّ وِفَاقًا، كَمَنْ حَجَّ وَقَدْ تَرَكَ حَقًّا يَلْزَمُهُ مِنْ دَيْنٍ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا الْعُمْرَةُ.

(وَيَصِحُّ) الْحَجُّ (مِنْ مَغْصُوبٍ وَ) مِنْ (أَجِيرِ خِدْمَةٍ بِأُجْرَةٍ أَوْ لَا وَمِنْ تَاجِرٍ) وَقَاصِدٍ رُؤْيَةَ الْبِلَادِ النَّائِيَةِ أَوْ النُّزْهَةَ وَنَحْوِهِ (وَيَأْتِي وَلَا إثْمَ) عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨] .

<<  <  ج: ص:  >  >>