وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مَكَّةَ إلَّا بِإِحْرَامٍ» فِيهِ ضَعْفٌ فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ حَجَّاجٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْوَاسِطِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ لَوْ أَرَادَهَا لِتِجَارَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ نَصَّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُونَ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْحَجِّ وَلِعَدَمِ تَكَرُّرِ حَاجَتِهِ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْحَرَمَ وَلَا نُسُكًا لَمْ يَلْزَمْهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ أَتَوْا بَدْرًا مَرَّتَيْنِ وَكَانُوا يُسَافِرُونَ لِلْجِهَادِ فَيَمُرُّونَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ (إنْ كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا مُكَلَّفًا) بِخِلَافِ الرَّقِيقِ وَالْكَافِرِ وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْحَجِّ.
(فَلَوْ تَجَاوَزَهُ) أَيْ: الْمِيقَاتَ (رَقِيقٌ أَوْ كَافِرٌ أَوْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، ثُمَّ لَزِمَهُمْ) الْإِحْرَامُ (إنْ عَتَقَ) الرَّقِيقُ (وَأَسْلَمَ) الْكَافِرُ (وَكُلِّفَ) غَيْرُ الْمُكَلَّفِ (أَحْرَمُوا مِنْ مَوْضِعِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ دُونَ الْمِيقَاتِ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ فَكَانَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْهُ كَأَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ.
(وَلَا دَمَ عَلَيْهِمْ) إذَا أَحْرَمُوا مِنْ مَوْضِعِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُجَاوِزُوا مِيقَاتَهُمْ بِلَا إحْرَامٍ (إلَّا لِقِتَالٍ مُبَاحٍ) «لِدُخُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ» وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الْإِحْرَامُ يَوْمَئِذٍ (أَوْ خَوْفٍ) أَيْ: وَإِلَّا مَنْ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ لِخَوْفٍ إلْحَاقًا لَهُ بِالْقِتَالِ الْمُبَاحِ (أَوْ حَاجَةٍ مُتَكَرِّرَةٍ كَحَطَّابٍ وَفَيْجٍ) بِالْجِيمِ وَهُوَ رَسُولُ السُّلْطَانِ.
(وَنَاقِلِ الْمِيرَةِ وَلِصَيْدٍ وَاحْتِشَاشٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ) لِمَا رَوَى حَرْبٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا يَدْخُلُ إنْسَانٌ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا إلَّا الْحَمَّالِينَ وَالْحَطَّابِينَ وَأَصْحَابَ مَنَافِعِهَا " احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ (وَمَكِّيٍّ يَتَرَدَّدُ إلَى قَرْيَتِهِ بِالْحِلِّ) إذْ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ لَأَدَّى إلَى الضَّرَرِ وَالْمَشَقَّةِ وَهُوَ مَنْفِيٌّ شَرْعًا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَكَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فِي حَقِّ قَيِّمِهِ لِلْمَشَقَّةِ.
(ثُمَّ إنْ بَدَا لَهُ) أَيْ: لِمَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ مِمَّنْ تَتَكَرَّرُ حَاجَتُهُ وَالْمَكِّيُّ الْمُتَرَدِّدُ إلَى قَرْيَتِهِ بِالْحِلِّ (النُّسُكُ أَوْ) بَدَا (لِمَنْ لَمْ يُرِدْ الْحَرَمَ) أَوْ النُّسُكَ (أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ) لِأَنَّهُ صَارَ كَأَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَلِأَنَّ مِنْ مَنْزِلِهِ دُونَ الْمِيقَاتِ لَوْ خَرَجَ إلَيْهِ ثُمَّ عَادَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ.
(وَمَنْ تَجَاوَزَ) الْمِيقَاتَ (بِلَا إحْرَامٍ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ الْإِحْرَامِ) الَّذِي فَاتَهُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَيَأْتِي حُكْمُ رُجُوعهِ إلَيْهِ (وَحَيْثُ لَزِمَ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ لِدُخُولِ مَكَّةَ) أَوْ الْحَرَامِ (لَا لِنُسُكٍ: طَافَ وَسَعَى وَحَلَقَ وَحَلَّ) مِنْ إحْرَامِهِ.
(وَأُبِيحَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ دُخُولُ مَكَّةَ مُحِلِّينَ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَهِيَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ رَوَاهُ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ لَا قَطْعَ شَجَرٍ) لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَامَ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ فَتْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute