للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ فَسَخَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَتَأَسَّفَ عَلَى التَّمَتُّعِ لِأَجْلِ سَوْقِ الْهَدْيِ فَكَانَ الْمُتَأَخِّرُ أَوْلَى (ثُمَّ الْقِرَانُ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حَجَّ قَارِنًا» وَالْجَوَابُ عَنْهُ.

(وَصِفَةُ التَّمَتُّعِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ) أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَجَزَمَ آخَرُونَ مِنْ الْمِيقَاتِ أَيْ: مِيقَاتِ بَلَدِهِ (فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) نَصَّ عَلَيْهِ وَرُوِيَ مَعْنَاهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ جَابِرٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْرِمْ بِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا (وَيَفْرُغُ مِنْهَا) أَيْ: يَتَحَلَّلُ قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْعُمْرَةِ لَكَانَ قَارِنًا وَاجْتِمَاعُ النُّسُكَيْنِ أَيْ: التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ مُمْتَنِعٌ، لِتَبَايُنِهِمَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنُّسُكَيْنِ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِإِمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْقِرَانِ وَلَعَلَّ صَاحِبَ الْمُبْدِعِ فَهِمَ مِنْهُ ذَلِكَ حَتَّى قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ.

(ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهَا) نَقَلَهُ حَرْبٌ وَأَبُو دَاوُد لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ " إذَا اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَقَامَ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَإِنْ خَرَجَ وَرَجَعَ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ " وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ وَيُشْتَرَطُ كَمَا يَأْتِي: أَنْ يَحُجَّ فِي عَامِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ تَمَتَّعَ} [البقرة: ١٩٦] وَظَاهِرُهُ: يَقْتَضِي الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا فَلَأَنْ لَا يَكُونَ مُتَمَتِّعًا إذَا لَمْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ أَوْلَى وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ: مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِحْرَامِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهَا: تَبِعَ فِيهِ الْمُقْنِعَ وَالْفَائِقَ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ: عَدَمُ التَّقْيِيدِ وَنَسَبهُ فِي الْفُرُوعِ إلَى الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ ذَكَرَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَقَطَعَ بِعَدَمِ التَّقْيِيدِ فِي الْمُنْتَهَى.

(وَ) صِفَةُ (الْإِفْرَادِ: أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْحَجِّ (اعْتَمَرَ عُمْرَةَ الْإِسْلَامِ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً عَلَيْهِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ أَتَى بِهِ قَبْلُ.

(وَ) صِفَةُ (الْقِرَانِ: أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا جَمِيعًا) لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَوْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ يُدْخِلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي طَوَافِهَا) لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ «أَهْلَلْنَا بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَدْخَلْنَا عَلَيْهَا الْحَجَّ» .

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ " أَنَّ ابْنَ عُمَرَ فَعَلَهُ وَقَالَ " هَكَذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ أَمَرَ عَائِشَةَ بِذَلِكَ " فَإِنْ كَانَ شَرَعَ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ لَمْ يَصِحَّ إدْخَالُهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي التَّحْلِيلِ مِنْ الْعُمْرَةِ كَمَا لَوْ سَعَى (إلَّا لِمَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ فَيَصِحُّ) الْإِدْخَالُ (وَلَوْ بَعْدَ السَّعْيِ) بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>