وَهُوَ يُنَافِي الْإِحْرَامَ لِكَوْنِ أَنَّ الْمُحْرِمَ أَشْعَثُ أَغْبَرُ وَقِيسَ عَلَى الْحَلْقِ: النَّتْفُ وَالْقَلْعُ؛ لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَاهُ وَإِنَّمَا عُبِّرَ بِهِ فِي النَّصِّ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ (فَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ: الْمُحْرِمِ عُذْرُ (مَرَضٍ أَوْ قَمْلٍ أَوْ قُرُوحٍ أَوْ صُدَاعٍ أَوْ شِدَّةِ حَرٍّ لِكَثْرَتِهِ مِمَّا يَتَضَرَّرُ بِإِبْقَاءِ الشَّعْرِ أَزَالَهُ) أَيْ: الشَّعْرَ.
(وَفَدَى) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦] وَلِمَا رَوَى كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ قَالَ «كَانَ بِي أَذًى مِنْ رَأْسِي فَحُمِلْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى الْجَهْدَ يَبْلُغُ بِكَ مَا أَرَى أَتَجِدُ شَاةً قُلْتُ بَلَى فَنَزَلَتْ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦] قَالَ هُوَ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ طَعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ: نِصْفُ صَاعٍ، طَعَامًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (كَأَكْلِ صَيْدٍ لِضَرُورَةٍ) إلَى أَكْلِهِ فَيَأْكُلُهُ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ (الثَّانِي تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ) ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الرَّفَاهِيَةُ فَأَشْبَهَ إزَالَةَ الشَّعْرِ (إلَّا مِنْ عُذْرٍ) فَيُبَاحُ عِنْدَ الْعُذْرِ كَالْحَلْقِ.
(فَمَنْ حَلَقَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ فَصَاعِدًا أَوْ قَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَظْفَارٍ فَصَاعِدًا وَلَوْ مُخْطِئًا أَوْ نَاسِيًا فَعَلَيْهِ دَمٌ) يَعْنِي: شَاةً أَوْ صِيَامَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ إطْعَامَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ كَمَا يَأْتِي فِي الْفِدْيَةِ أَمَّا فِي الْحَلْقِ: فَلِمَا تَقَدَّمَ وَخُصَّتْ بِالثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهَا جَمْعٌ وَاعْتُبِرَتْ فِي مَوَاضِعَ بِخِلَافِ رُبُعِ الرَّأْسِ وَأُلْحِقَتْ حَالَةُ عَدَمِ الْعُذْرِ بِحَالَةِ وُجُودِهِ؛ لِأَنَّهَا أَوْلَى بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ وَأَمَّا التَّقْلِيمُ: فَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْحَلْقِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ فِي حُصُولِ الرَّفَاهِيَةِ (فِيمَا دُونَ ذَلِكَ) أَيْ: الثَّلَاثِ مِنْ الشَّعَرَاتِ أَوْ الْأَظْفَارِ (فِي كُلِّ وَاحِدٍ طَعَامُ مِسْكِينٍ) فَفِي شَعْرَةٍ طَعَامُ مِسْكِينٍ وَفِي شَعْرَتَيْنِ طَعَامَا مِسْكِينَيْنِ وَفِي تَقْلِيمِ ظُفْرٍ وَاحِدٍ طَعَامُ مِسْكِينٍ وَفِي ظُفْرَيْنِ طَعَامَا مِسْكِينَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا وَجَبَ شَرْعًا فِدْيَةً (وَفِي قَصِّ بَعْضِ الظُّفْرِ مَا فِي جَمِيعِهِ وَكَذَا قَطْعُ بَعْضِ الشَّعْرِ) فِيهِ مَا فِي جَمِيعِهَا فَفِي بَعْضِ الشَّعْرَةِ أَوْ بَعْضِ الظُّفْرِ: طَعَامُ مِسْكِينٍ وَفِي شَعْرَتَيْنِ وَبَعْضِ أُخْرَى وَظُفْرَيْنِ وَبَعْضِ آخَرَ فِدْيَةٌ كَامِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِمِسَاحَةٍ وَهُوَ يَجِبُ فِيهِمَا سَوَاءٌ طَالَا أَوْ قَصُرَا كَالْمُوضِحَةِ يَجِبُ مَعَ كِبَرِهَا وَصِغَرِهَا.
(وَإِنْ حَلَقَ رَأْسَهُ بِإِذْنِهِ) فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ دُونَ الْحَالِقِ (أَوْ) حَلَقَ رَأْسَهُ بِلَا إذْنِهِ لَكِنَّهُ (سَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ) أَيْ: الْحَالِقُ (وَلَوْ كَانَ الْحَالِقُ مُحْرِمًا فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ؛ لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ بِحَلْقِ الرَّأْسِ مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute