للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّارِحُ: وَمَا قَالَهُ صَحِيحٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ زِيَادَةَ الْقَطْعِ لَمْ يَذْكُرْهَا جَمَاعَةٌ وَرُوِيَ أَنَّهَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَلَوْ سَلِمَ صِحَّةُ رَفْعِهَا فَهِيَ بِالْمَدِينَةِ وَخَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِعَرَفَاتٍ فَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ وَاجِبًا لَبَيَّنَهُ لِلْجَمْعِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَمْ يَحْضُرْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ كَلَامُهُ فِي الْمَدِينَةِ فِي مَوْضِعِ الْبَيَانِ وَقْتَ الْحَاجَةِ لَا يُقَالُ: اكْتَفَى بِمَا سَبَقَ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: فَلِمَ ذَكَرَ لُبْسَهُمَا وَالْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقِهِ لُبْسُهُمَا بِلَا قَطْعٍ.

وَيُجَابُ عَنْ قَوْلِ الْمُخَالِفِ: بِأَنَّ الْمُقَيَّدَ يَقْضِي عَلَى الْمُطْلَقِ: أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَأْوِيلُهُ وَعَنْ قَوْلِهِ: أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ زِيَادَةُ لَفْظٍ بِأَنَّ خَبَر ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ فِيهِمَا زِيَادَةُ حُكْمِ جَوَازِ اللُّبْسِ بِلَا قَطْعٍ يَعْنِي أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَمْ يُشْرَعْ بِالْمَدِينَةِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ دَعْوَى النَّسْخِ وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ قَوْلِ الْخَطَّابِيِّ: الْعَجَبُ مِنْ أَحْمَدَ فِي هَذَا أَيْ: قَوْلِهِ بِعَدَمِ الْقَطْعِ فَإِنَّهُ لَا يُخَالِفُ سُنَّةً تَبْلُغُهُ وَفِيهِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ قَدْ يُخَالِفُ لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ كَمَا هُوَ عَادَةُ الْمُتَبَحِّرِينَ فِي الْعِلْمِ الَّذِينَ أَيَّدَهُمْ اللَّهُ بِمَعُونَتِهِ فِي جَمْعِهِمْ بَيْنَ الْأَخْبَارِ (وَإِنْ لَبِسَ مَقْطُوعًا) مِنْ خُفٍّ وَغَيْرِهِ (دُونَ الْكَعْبَيْنِ مَعَ وُجُودِ نَعْلٍ) حُرِّمَ كَلُبْسِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ قَطْعَهُ كَذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مَخِيطًا (وَفَدَى) لِلُبْسِهِ كَذَلِكَ.

(وَيُبَاحُ) لِلْمُحْرِمِ (النَّعْلُ) لِمَفْهُومِ مَا سَبَقَ وَهِيَ الْحِذَاءُ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَتُطْلَقُ عَلَى التَّاسُومَةِ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَلَوْ كَانَتْ) النَّعْلُ (بِعَقِبٍ وَقِيدٍ وَهُوَ السَّيْرُ الْمُعْتَرِضُ عَلَى الزِّمَامِ) لِلْعُمُومَاتِ.

(وَلَا يَعْقِدُ) الْمُحْرِمُ (عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ مِنْطَقَةٍ وَلَا رِدَاءٍ وَلَا غَيْرِهِمَا) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ " وَلَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ شَيْئًا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَرَوَى هُوَ وَمَالِكٌ أَنَّهُ يُكْرَهُ لُبْسُ الْمِنْطَقَةِ لِلْمُحْرِمِ؛ وَلِأَنَّهُ يَتَرَفَّهُ بِذَلِكَ أَشْبَهَ اللِّبَاسَ (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِذَلِكَ) أَيْ: الْمِنْطَقَةِ وَالرِّدَاءِ وَنَحْوِهِمَا (زِرًّا وَعُرْوَةً وَلَا يُخْلِهِ بِشَوْكَةٍ أَوْ إبْرَةٍ أَوْ خَيْطٍ وَلَا يَغْرِزُ أَطْرَافَهُ فِي إزَارِهِ فَإِنْ فَعَلَ) مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ (أَثِمَ وَفَدَى؛ لِأَنَّهُ كَمَخِيطٍ) .

(وَيَجُوزُ لَهُ) أَيْ: الْمُحْرِمِ (شَدُّ وَسَطِهِ بِمِنْدِيلٍ وَحَبْلٍ وَنَحْوِهِمَا إذَا لَمْ يَعْقِدْهُ قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ فِي مُحْرِمٍ حَزَمَ عِمَامَتَهُ عَلَى وَسَطِهِ: لَا يَعْقِدُهَا وَيُدْخِلُ بَعْضَهُمَا فِي بَعْضٍ) لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِذَلِكَ قَالَ طَاوُسٌ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَر (إلَّا إزَارَهُ) فَلَهُ عَقْدُهُ (لِحَاجَةِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَ) إلَّا (هِمْيَانَهُ وَمِنْطَقَتَهُ اللَّذَيْنِ فِيهِمَا نَفَقَتُهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ) الْهِمْيَانُ أَوْ الْمِنْطَقَةُ (إلَّا بِالْعَقْدِ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ " أَوْثِقْ عَلَيْك نَفَقَتَكَ " وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ مَعْنَاهُ بَلْ رَفَعَهُ بَعْضُهُمْ؛ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى عَقْدِهِ فَجَازَ كَعَقْدِ الْإِزَارِ فَإِنْ ثَبَتَ بِغَيْرِ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ أَدْخَلَ السُّيُورَ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ لَمْ يَجُزْ عَقْدُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>