فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَأْكُلُوا فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: كُلُوهُ وَهُوَ حَلَالٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ (وَيَضْمَنُهُ بِذَلِكَ) أَيْ: يَضْمَنُ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ بِالدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَالْإِشَارَةِ إلَيْهِ وَالْإِعَانَةِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ كَمَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ بِالدَّلَالَةِ لَكِنْ لَوْ دَلَّهُ فَكَذَّبَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَلَا ضَمَانَ عَلَى دَالٍّ وَلَا مُشِيرٍ بَعْدَ أَنْ رَآهُ مَنْ يُرِيدُ صَيْدَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا فِي تَلَفِهِ (وَكَذَا لَوْ وُجِدَ مِنْ الْمُحْرِمِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الصَّيْدِ ضَحِكٌ أَوْ اسْتِشْرَافُ) نَفْسٍ (فَفَطِنَ لَهُ غَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ الْمُحْرِمِ: فَلَا تَحْرِيمَ وَلَا ضَمَانَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ (وَكَذَا لَوْ أَعَارَهُ آلَةً لِغَيْرِ الصَّيْدِ فَاسْتَعْمَلَهَا فِيهِ) أَيْ: الصَّيْدِ (؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ) فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ضَمَانٌ.
(وَلَا تَحْرُمُ دَلَالَةٌ عَلَى طِيبٍ وَلِبَاسٍ) لِعَدَمِ ضَمَانِهِمَا بِالسَّبَبِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا حُكْمٌ يَخْتَصُّ بِالدَّالِّ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الدَّلَالَةِ عَلَى الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ يَخْتَصُّ بِالدَّالِّ وَهُوَ تَحْرِيمُ الْأَكْلِ مِنْهُ وَوُجُوبُ الْجَزَاءِ إذَا كَانَ مَنْ دَلَّهُ الْمُحْرِمُ حَلَالًا.
(وَلَا) تَحْرُمُ (دَلَالَةُ حَلَالٍ مُحْرِمٍ عَلَى صَيْدٍ) بِغَيْرِ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ صَيْدَ الْحَلَالِ حَلَالٌ فَدَلَالَتُهُ أَوْلَى (وَيَضْمَنُهُ الْمُحْرِمُ) إذَا قَتَلَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥] (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الصَّيْدُ (فِي الْحَرَمِ فَيَشْتَرِكَانِ) أَيْ: الْحَلَالُ وَالْمُحْرِمُ (فِي الْجَزَاءِ كَالْمُحْرِمَيْنِ) لِتَحْرِيمِ صَيْدِ الْحَرَمِ عَلَى الْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ (فَإِنْ اشْتَرَكَ فِي قَتْلِ صَيْدٍ حَلَالٌ وَمُحْرِمٌ أَوْ) اشْتَرَكَ فِيهِ (سَبُعٌ وَمُحْرِمٌ فِي الْحِلِّ) مُتَعَلِّقٌ بِاشْتَرَكَ (فَعَلَى الْمُحْرِمِ الْجَزَاءُ جَمِيعُهُ) ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ مُوجِبٌ وَمُسْقِطٌ فَغَلَبَ الْإِيجَابُ كَمَا لَوْ قَتَلَ صَيْدًا بَعْضَهُ فِي الْحَرَمِ.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: مُقْتَضَى الْفِقْهِ عِنْدِي: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الْجَزَاءِ وَقَاسَهُ عَلَى مُشَارَكَةِ مَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي إتْلَافِ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ إذْ الْإِذْنُ هُنَاكَ مُنْتَفٍ وَهَهُنَا مَوْجُودٌ نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْمُحِلُّ إعَانَةَ الْمُحْرِمِ وَمُسَاعَدَتَهُ عَلَى قَتْلِ الصَّيْدِ تَوَجَّهَ مَا قَالَهُ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ أَوْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ.
كَمَا إذَا بَاعَ مَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ لِمَنْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ بَعْدَ النِّدَاءِ قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فِي التَّاسِعَةِ وَالْعِشْرِينَ (ثُمَّ إنْ كَانَ جُرْحُ أَحَدِهِمَا) أَيْ: الْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ (قَبْلَ صَاحِبِهِ وَالسَّابِقُ) بِالْجُرْحِ (الْحَلَالُ أَوْ السَّبُعُ فَعَلَى الْمُحْرِمِ جَزَاؤُهُ مَجْرُوحًا) اعْتِبَارًا بِحَالِ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الضَّمَانِ.
(وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute