(وَيَعْمَلُ فِي عَدَدِهَا) أَيْ: الْغَسَلَاتِ (إذَا شَكَّ) فِيهِ (بِالْأَقَلِّ) كَرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِالْمَشْكُوكِ فِيهِ (وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى الثَّلَاثِ لِحَدِيثِ عَمْرٍو الْمُتَقَدِّمِ.
(وَ) يُكْرَهُ (الْإِسْرَافُ فِي الْمَاءِ) وَلَوْ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ لِمَا يَأْتِي فِي الْغُسْلِ (وَيُسَنُّ مُجَاوَزَةُ مَوْضِعِ الْفَرْضِ) بِالْغُسْلِ، لِمَا رَوَى نُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ أَنَّهُ رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَهُ، حَتَّى كَادَ يَبْلُغُ الْمَنْكِبَيْنِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى رَفَعَ إلَى السَّاقَيْنِ، ثُمَّ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِمُسْلِمٍ عَنْهُ سَمِعْت خَلِيلِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنْ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ» .
(وَلَا يُسَنُّ الْكَلَامُ عَلَى الْوُضُوءِ، بَلْ يُكْرَهُ) قَالَهُ جَمَاعَةٌ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ (وَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهِيَةِ تَرْكُ الْأَوْلَى) وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، مَعَ أَنَّ ابْنَ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرَهُ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِيمَا يُكْرَهُ.
وَيُسَنُّ (قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: الْأَذْكَارُ الَّتِي تَقُولُهَا الْعَامَّةُ عَلَى الْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ لَا أَصْلَ لَهَا) .
وَفِي نَسْخٍ لَهُ: أَيْ: لِلْإِتْيَانِ بِهَا (عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَفِيهِ حَدِيثٌ كُذِبَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى) قَالَ النَّوَوِيُّ: وَحَذَفْتُ دُعَاءَ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَ فِي الْمُحَرَّرِ إذْ لَا أَصْلَ لَهُ وَكَذَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَيْ: لَمْ يَجِئْ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَالتَّنْقِيحِ لَهُ، وَالرَّافِعِيُّ قَالَ وَرَدَ فِيهِ الْأَثَرُ عَنْ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ.
قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ: وَفَاتَهُمَا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طُرُقٍ فِي تَارِيخِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً، لِلْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ انْتَهَى قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يَقُولُ عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ مَا وَرَدَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، لِضَعْفِهِ جِدًّا، مَعَ أَنَّ كُلَّ مَنْ وَصَفَ وُضُوءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَذْكُرْهُ، وَلَوْ شُرِعَ لَتَكَرَّرَ مِنْهُ وَلَنُقِلَ عَنْهُ انْتَهَى وَقَوْلُهُ: مَا وَرَدَ أَشَارَ بِهِ إلَى مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي التَّارِيخِ «إذَا غَسَلَ وَجْهَهُ: اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ الْوُجُوهِ وَذِرَاعَيْهِ: اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَرَأْسَهُ: اللَّهُمَّ غَشِّنَا بِرَحْمَتِك وَجَنِّبْنَا عَذَابَك، وَرِجْلَيْهِ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَدَمِي يَوْمَ تَزِلُّ الْأَقْدَامُ» نَقَلَهُ عَنْهُ السُّيُوطِيّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute