أَصْنَعَ فِي عُمْرَتِي قَالَ اخْلَعْ عَنْكَ هَذِهِ الْجُبَّةَ وَاغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الْخَلُوقِ أَوْ قَالَ أَثَرَ الصُّفْرَةِ وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكِ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْفِدْيَةِ مَعَ سُؤَالِهِ عَمَّا يَصْنَعُ وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ غَيْرُ جَائِزٍ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ عَذَرَهُ لِجَهْلِهِ وَالنَّاسِي وَالْمُكْرَهُ فِي مَعْنَاهُ.
(وَمَتَى أَخَّرَهُ) أَيْ: غَسْلَ الطِّيبِ وَخَلْعَ اللِّبَاسِ (عَنْ زَمَنِ الْإِمْكَانِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ) لِاسْتِدَامَةِ الْمَحْظُورِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (وَتَقَدَّمَ) حُكْمُ (غَسْلِ الطِّيبِ) فِي الْبَابِ قَبْلَهُ.
(وَمَنْ رَفَضَ إحْرَامَهُ لَمْ يَفْسُدْ) إحْرَامُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا بِالْفَسَادِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا بِرَفْضِهَا بِخِلَافِ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ.
(وَلَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ لِرَفْضِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ نِيَّةٍ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْمُنْتَهَى وَشَرْحِهِ وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ وَذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ (وَحُكْمُ إحْرَامِهِ بَاقٍ) ؛ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ مِنْ الْحَجِّ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إمَّا بِكَمَالِ أَفْعَالِهِ أَوْ التَّحَلُّلِ مِنْهُ عِنْدَ الْحَصْرِ أَوْ بِالْعُذْرِ إذَا شَرَطَ فِي ابْتِدَاءِ إحْرَامِهِ أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي (فَإِنْ فَعَلَ مَحْظُورًا) بَعْدَ رَفْضِهِ إحْرَامَهُ (فَعَلَيْهِ فِدَاؤُهُ) لِبَقَاءِ إحْرَامِهِ.
(وَمَنْ تَطَيَّبَ قَبْلَ إحْرَامِهِ فِي بَدَنِهِ فَلَهُ اسْتِدَامَةُ ذَلِكَ فِي إحْرَامِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فَإِنَّهُ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ وَحَدِيثُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ كَانَ فِي عَامِ حُنَيْنٍ بِالْجِعْرَانَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ وَالْآثَارِ (وَتَقَدَّمَ) فِي الْبَابِ قَبْلَهُ.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ: الْمُحْرِمِ (لُبْسُ ثَوْبٍ مُطَيَّبٍ بَعْدَ إحْرَامِهِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَلْبَسُوا مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا الْوَرْسُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَتَقَدَّمَ) فِي الْبَابِ قَبْلَهُ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا حُكْمُ اسْتِدَامَةِ ثَوْبٍ مُطَيَّبٍ أَحْرَمَ فِيهِ.
(وَإِنْ أَحْرَمَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ وَنَحْوُهُ خَلَعَهُ) بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ وَالْآثَارِ (وَلَمْ يَشُقَّهُ) وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ إنَّمَا تَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُحْرِمِ لَا عَلَى الْمُحِلِّ لَا يُقَالُ: إنَّهُ بِإِقْدَامِهِ عَلَى إنْشَاءِ الْإِحْرَامِ وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِمَحْظُورَاتِهِ مُتَسَبِّبٌ إلَى مُصَاحَبَةِ اللُّبْسِ فِي الْإِحْرَامِ كَمَا لَا يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحَالِف وَالنَّاذِرِ فَإِنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ لَا يَحْلِفَ حَتَّى يَتْرُكَ التَّلَبُّسَ بِمَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْإِحْرَامُ وَعَلَيْهِ الْمَخِيطُ ثُمَّ يَخْلَعُهُ إلَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الرِّعَايَةِ أَنَّ عَلَيْهِ الْفِدْيَةَ فَإِنَّ مُقْتَضَاهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ (فَإِنْ اسْتَدَامَ لُبْسَهُ) أَيْ: الْمَخِيطَ (وَلَوْ لَحْظَةً فَوْقَ الْمُعْتَادِ مِنْ خَلْعِهِ فَدَى) لِاسْتِدَامَةِ الْمَحْظُورِ بِلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute