(وَحَشِيشِهَا) قَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَلَا جَزَاءَ فِيمَا حُرِّمَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ حَكَمُوا فِيهِ بِجَزَاءٍ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ دُخُولُ حَرَمِهَا بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَلَا تَصْلُحُ لِأَدَاءِ النُّسُكِ وَلَا لِذَبْحِ الْهَدَايَا فَكَانَتْ كَغَيْرِهَا مِنْ الْبُلْدَانِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُرْمَةِ الضَّمَانُ وَلَا لِعَدَمِهَا عَدَمُهُ.
(وَحَدُّ حَرَمِهَا: مَا بَيْنَ ثَوْرٍ إلَى عَيْرٍ) لِحَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا «حَرَمُ الْمَدِينَةِ مَا بَيْنَ ثَوْرٍ إلَى عَيْرٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَهُوَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا) لِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا حَرَامٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّابَةُ الْحَرَّةُ وَهِيَ أَرْضٌ تَرْكَبُهَا حِجَارَةٌ سُودٌ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي: رِوَايَةُ " مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا " أَرْجَحُ لَنَا لِتَوَارُدِ الرُّوَاةِ عَلَيْهَا وَرِوَايَة " جَبَلَيْهَا " لَا تُنَافِيهَا فَيَكُونُ عِنْدَ كُلِّ جَبَلٍ لَابَةٌ أَوْ لَابَتَيْهَا مِنْ جِهَة الْجَنُوب وَالشِّمَال وَجَبَلَيْهَا مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَعَاكَسَهُ فِي الْمَطْلَعِ.
(وَقَدْرُهُ بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ نَصًّا) قَالَ أَحْمَدُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا حَرَامٌ بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ كَذَا فَسَّرَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ (وَهُمَا) أَيْ: ثَوْرٌ وَعَيْرٌ (جَبَلَانِ بِالْمَدِينَةِ فَثَوْرٌ) أَنْكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ خَطَأٌ مِنْ بَعْضِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ إيَّاهُ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ (جَبَلٌ صَغِيرٌ) لَوْنُهُ يَضْرِبُ (إلَى الْحُمْرَةِ بِتَدْوِيرٍ) لَيْسَ بِمُسْتَطِيلٍ (خَلْفَ أُحُدٍ مِنْ جِهَةِ الشَّمَالِ) قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي نَقْلًا عَنْ شَيْخِهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حُسَيْنٍ الْمَرَاغِيِّ: أَنَّ خَلَفَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَنْقُلُونَ عَنْ سَلَفِهِمْ أَنَّ خَلْفَ أُحُدٍ مِنْ جِهَةِ الشَّمَالِ جَبَلًا صَغِيرًا إلَى الْحُمْرَةِ بِتَدْوِيرٍ يُسَمَّى ثَوْرًا قَالَ وَقَدْ تَحَقَّقْتُهُ بِالْمُشَاهَدَةِ (وَعَيْرٌ) جَبَلٌ (مَشْهُورٌ بِهَا) أَيْ: بِالْمَدِينَةِ قَالَ فِي الْمَطْلَعِ: وَقَدْ أَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ «وَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَوْلَ الْمَدِينَةِ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا حِمًى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحِلِّ صَيْدُ وَجٍّ وَشَجَرِهِ) وَحَشِيشِهِ.
(وَهُوَ وَادٍ بِالطَّائِفِ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْحِلِّ أَمَّا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا «إنَّ صَيْدَ وَجٍّ وَعِضَاهَهُ حَرَمٌ» مَحْرَمٌ لِلَّهِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِهِ الطَّائِفَ وَحِصَارِهِ ثَقِيفًا فَقَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدٌ لَيْسَ بِقَوِيٍّ فِي حَدِيثِهِ نَظَرٌ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ وَالْأَزْدِيُّ: لَمْ يَصِحَّ حَدِيثُهُ وَحَمَلَ الْقَاضِي ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute