مَأْخُوذٌ مِنْ الضَّبُعِ وَهُوَ عَضُدُ الْإِنْسَانِ وَذَلِكَ لِحَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَافَ مُضْطَبِعًا وَعَلَيْهِ بُرْدٌ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا مِنْ الْجِعْرَانَةِ فَرَمَلُوا بِالْبَيْتِ وَجَعَلُوا أَرْدِيَتَهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ ثُمَّ قَذَفُوهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمْ الْيُسْرَى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ (فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الطَّوَافِ سَوَّاهُ) أَيْ: الرِّدَاءَ فَجَعَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ (وَلَا يُضْطَبَعُ فِي السَّعْي) لِعَدَمِ وُرُودِهِ وَقَالَ أَحْمَدُ مَا سَمِعْنَا فِيهِ شَيْئًا وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ إلَّا فِيمَا عَقَلَ مَعْنَاهُ وَهَذَا تَعَبُّدِيٌّ مَحْضٌ.
(وَيَبْتَدِئُ) الطَّوَافَ (مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَبْتَدِئُ بِهِ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (وَهُوَ جِهَةُ الْمَشْرِقِ فَيُحَاذِيهِ) أَيْ: الْحَجَرَ (أَوْ) يُحَاذِي (بَعْضَهُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ) ؛ لِأَنَّ مَا لَزِمَ اسْتِقْبَالُهُ لَزِمَ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ كَالْقِبْلَةِ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ: يُحَاذِي الْحَجَرَ أَوْ بَعْضَهُ بِكُلِّ بَدَنِهِ بِأَنْ ابْتَدَأَ بِالطَّوَافِ عَنْ جَانِبِ الرُّكْنِ مِنْ جِهَةِ الْبَابِ بِحَيْثُ خَرَجَ شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَنْ مُحَاذَاةِ الْحَجَرِ (أَوْ بَدَأَ بِالطَّوَافِ مِنْ دُون الرُّكْنِ) الَّذِي بِهِ الْحَجَرُ (كَالْبَابِ وَنَحْوِهِ) كَالْمُلْتَزَمِ (لَمْ يُحْتَسَبْ بِذَلِكَ الشَّوْطُ) لِعَدَمِ مُحَاذَاةِ بَدَنِهِ لِلْحَجَرِ وَيُحْتَسَبُ لَهُ بِالثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ وَيَصِيرُ الثَّانِي أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ يُحَاذِي فِيهِ الْحَجَرَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ (ثُمَّ يَسْتَلِمُهُ) أَيْ: الْحَجَرَ (أَيْ: يَمْسَحُهُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى) لِقَوْلِ جَابِرٍ إنَّ «الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَى الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ» الْحَدِيثَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالِاسْتِلَامُ: افْتِعَالٌ مِنْ السَّلَامِ وَهُوَ التَّحِيَّةُ وَأَهْلُ الْيَمَنِ يُسَمُّونَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ الْمُحَيَّا؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُحَيُّونَهُ بِالِاسْتِلَامِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ نَزَلَ مِنْ الْجَنَّةِ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ " لَمَّا أَخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمِيثَاقَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ كَتَبَ كِتَابًا فَأَلْقَمَهُ الْحَجَرَ فَهُوَ يَشْهَدُ لِلْمُؤْمِنِ بِالْوَفَاءِ وَعَلَى الْكَافِرِ بِالْجُحُودِ " وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْفَرَجِ.
(وَيُقَبِّلُهُ) أَيْ: الْحَجَرَ (مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ يَظْهَرُ لِلْقُبْلَةِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَقْبَلَ الْحَجَرَ وَوَضَعَ شَفَتَيْهِ عَلَيْهِ يَبْكِي طَوِيلًا ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَبْكِي فَقَالَ: يَا عُمَرُ هَاهُنَا تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ أَسْلَمَ قَالَ " رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَبَّلَ الْحَجَرَ وَقَالَ إنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ " (وَنَصَّ) أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ (وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ) فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ.
(فَإِنْ شَقَّ اسْتِلَامُهُ) وَتَقْبِيلُهُ لَمْ يُزَاحِمْ وَاسْتَلَمَهُ بِيَدِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute