وَيَقُولَ عَلَيْهَا مَا قَالَ عَلَى الصَّفَا) لِمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دَنَا مِنْ الصَّفَا قَرَأَ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٥٨] أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقَى عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَقَالَ لَا إلَه إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ فَقَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ نَزَلَ إلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى حَتَّى إذَا صَعِدْنَا مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَيَجِبُ اسْتِيعَابُ مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ: الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلِهِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (فَإِنْ لَمْ يَرْقَهُمَا أَلْصَقَ عَقِبَ رِجْلَيْهِ بِأَسْفَلِ الصَّفَا وَ) أَلْصَقَ (أَصَابِعَهُمَا أَسْفَلَ الْمَرْوَةِ) لِيَسْتَوْعِبَ مَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا لِعُذْرٍ فَعَلَ ذَلِكَ بِدَابَّتِهِ لَكِنْ قَدْ حَصَلَ عُلُوٌّ فِي الْأَرْضِ مِنْ الْأَتْرِبَةِ وَالْأَمْطَارِ بِحَيْثُ تَغَطَّى مِنْ دَرَجِهِمَا فَكُلُّ مَنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ قَدْرَ الْمُغَطَّى يَحْتَاطُ لِيَخْرُجَ مِنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ بِيَقِينٍ (ثُمَّ يَنْقَلِبُ) فَيَنْزِلُ عَنْ الْمَرْوَةِ (إلَى الصَّفَا فَيَمْشِي فِي مَوْضِعِ مَشْيِهِ، وَيَسْعَى فِي مَوْضِعِ سَعْيِهِ إلَى الصَّفَا يَفْعَلُ) السَّاعِي (ذَلِكَ سَبْعًا يَحْتَسِبُ بِالذَّهَابِ سَعْيَةً وَ) يَحْتَسِبُ (بِالرُّجُوعِ سَعْيَةً يَفْتَتِحُ بِالصَّفَا وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ) لِخَبَرِ جَابِرٍ وَسَبَقَ (فَإِنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ لَمْ يَحْتَسِبْ بِذَلِكَ الشَّوْطِ) لِمُخَالَفَتِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» .
(وَيُكْثِرُ مِنْ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ) أَيْ: الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (وَمِنْهُ) أَيْ: مِنْ الدُّعَاءِ مَا وَرَدَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ إذَا سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَة قَالَ (رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَاعْفُ عَمَّا تَعْلَمْ وَأَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ) وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا جُعِلَ رَمْيُ الْجِمَارِ وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(وَلَا يُسَنُّ السَّعْيُ بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (إلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) فَهُوَ رُكْنٌ فِيهِمَا كَمَا يَأْتِي فَلَيْسَ السَّعْيُ كَالطَّوَافِ فِي أَنَّهُ يُسَنُّ كُلَّ وَقْتٍ لِعَدَمِ وُرُودِ التَّطَوُّعِ بِهِ مُفْرَدًا (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْعَى طَاهِرًا مِنْ الْحَدَثِ) الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ.
(وَ) مِنْ (النَّجَاسَةِ) فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ (مُسْتَتِرًا) أَيْ: سَاتِرًا لِعَوْرَتِهِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ سَعَى عُرْيَانًا أَجْزَأَهُ وَإِلَّا فَكَشْفُ الْعَوْرَةِ غَيْرُ جَائِزٍ.
(وَتُشْتَرَطُ) لِلسَّعْيِ (النِّيَّةُ) لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (وَالْمُوَالَاةُ) قِيَاسًا عَلَى الطَّوَافِ قَالَهُ الْقَاضِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute