للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَوَابِ مَنْ وَالْأَلِفُ فِي يَتَغَنَّى لِلْإِشْبَاعِ بَعْدَ حَذْفِ الْأَلِفِ. يُقَالُ تَغَنَّيْت وَتَغَانَيْت وَاسْتَغْنَيْت أَيْ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ.

ثُمَّ قَالَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَالْغِنَى) الْحَقِيقِيُّ (غِنَى النَّفْس) بِالْعَفَافِ وَالْقَنَاعَةِ وَالِاقْتِصَادِ وَعَدَمِ الِانْهِمَاكِ فِي لَذَّاتِ الدُّنْيَا (لَا عَنْ كَثْرَةِ) الْمَالِ (الْمُتَعَدِّدِ) فَإِنَّهُ لَا يُوَرِّثُ غِنًى بَلْ يُوَرِّثُ مَزِيدَ الشَّرَهِ وَالِانْهِمَاكِ، فَكُلَّمَا نَالَ عَنْهُ شَيْئًا طَلَبَ شَيْئًا آخَرَ، وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَهْلَكَ.

وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَا أَبَا ذَرٍّ أَتَرَى كَثْرَةَ الْمَالِ هُوَ الْغِنَى؟ قُلْت نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ فَتَرَى قِلَّةَ الْمَالِ هُوَ الْفَقْرُ؟ قُلْت نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ إنَّمَا الْغِنَى غِنَى الْقَلْبِ، وَالْفَقْرُ فَقْرُ الْقَلْبِ، ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ هَلْ تَعْرِفُ فُلَانًا؟ قُلْت نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَكَيْفَ تَرَاهُ أَوْ تَرَاهُ؟ قُلْت إذَا سَأَلَ أُعْطِيَ، وَإِذَا حَضَرَ أُدْخِلَ، قَالَ ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ فَقَالَ هَلْ تَعْرِفُ فُلَانًا؟ فَقُلْت لَا وَاَللَّهِ مَا أَعْرِفُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا زَالَ يُحَلِّيهِ وَيُنْعِتُهُ حَتَّى عَرَفْتُهُ، فَقُلْت قَدْ عَرَفْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ فَكَيْفَ تَرَاهُ أَوْ تَرَاهُ؟ قُلْت هُوَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ، قَالَ هُوَ خَيْرٌ مِنْ طِلَاعِ الْأَرْضِ مِنْ الْآخَرِ، قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا يُعْطَى بَعْضَ مَا يُعْطَى الْآخَرُ؟ فَقَالَ إذَا أُعْطِيَ خَيْرًا فَهُوَ أَهْلُهُ، وَإِذَا صُرِفَ عَنْهُ فَقَدْ أُعْطِيَ حَسَنَةً» .

وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ وَصَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَيْضًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اُنْظُرْ أَرْفَعَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ؟ قَالَ فَنَظَرْت فَإِذَا رَجُلٌ عَلَيْهِ حُلَّةٌ، قُلْت هَذَا، قَالَ: قَالَ لِي اُنْظُرْ أَوْضَعَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ؟ قَالَ فَنَظَرْت فَإِذَا رَجُلٌ عَلَيْهِ أَخْلَاقٌ، قَالَ قُلْت هَذَا. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَذَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِثْلَ هَذَا» .

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>